تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن قلتم: لأنه ورد ما يخرج تارك الزكاة من الكفر المخرج من الملة وذلك كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه , أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ذكر عقوبة مانع الزكاة , وفي آخره , ثم يرى سبيله , إما إلى الجنة وإما إلى النار إذ لو كان كافراً ما كان له سبيل إلى الجنة , فيكون منطوق هذا الحديث مقدماً على مفهوم آية التوبة , لأن المنطوق مقدم على المفهوم , كما هو معلوم في أصول الفقه.

قلنا لكم: وهذا الذى ذكرتموه هو في حق تارك الصلاة أيضاً فقد ورد ما يخرج تارك الصلاة من الكفر المخرج من الملة وذلك كما في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ) وفي آخر الحديث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ) صححه الألباني , فلو كان كافراً ما كان له أن يدخل الجنة , فمنطوق هذا الحديث مقدم على مفهوم آية التوبة كما قررتم في تارك الزكاة.

فإن قلتم: إن تارك الزكاة ليس أخاً في الدين!!

قلنا: هذا باطل من القول بيقين، ليس عليه أي دليل!

وأما الوجه الثاني:

قال الإمام ابن عطية في " المحرر الوجيز ":

" تابوا: رجعوا عن حالهم، والتوبة منهم تتضمن الإيمان ".

فإقامة الصلاة مشروطة ومسبوقة بالتوبة التي هي متضمنة للإيمان، إذ ذكر الله التوبة قبل ذكر الصلاة أو الزكاة، فدل ذلك على أنها هي قاعدة الأصل في الحكم بأخوة الدين.

لذا قال الطبري في " جامع البيان ":

" يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون – الذين أمرتكم أيها المؤمنون بقتلهم – عن كفرهم وشركهم بالله إلى الإيمان به وبرسوله، وأنابوا إلى طاعته، وأقاموا الصلاة المكتوبة، فأدوها بحدودها، وآتوا الزكاة المفروضة أهلها: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله به، وهو الإسلام ".

الدليل الثاني

قال القائلون بكفر تارك الصلاة: من الأدلة على كفر تارك الصلاة قول الله تبارك و تعالى (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) القلم35 - 43.

فقد أخبر الله تعالى أنه لا يجعل المسلمين كالمجرمين , ثم ذكر أحوال المجرمين الذين هم ضد المسلمين ومن أحوالهم أنهم يدعون إلى السجود لربهم فيحال بينهم وبينه فلا يستطيعون السجود مع المسلمين عقوبة لهم على ترك السجود مع المسلمين في دار الدنيا وهذا يدل على أنهم من الكفار والمنافقين , إذ لو كانوا من المسلمين لأذن لهم الله تبارك وتعالى في السجود كما إذن للمسلمين , فلا يستطيع السجود عندما يكشف الله عن ساقه سبحانه وتعالى إلا المسلمون ويحال ذلك على غيرهم فدل ذلك على أنهم – تاركى الصلاة – مع من لا يأذن له في الصلاة وهم الكفار والمنافقين.

وأجاب القائلون بعدم تكفير تارك الصلاة: بأن الذين قصدهم الله تبارك وتعالى في قوله (وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) , هم الذين يسمعون الأذان والإقامة فيأبون , وبذلك فسرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال أتى النبي رجل اعمى فقال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله أن يرخص له فرخص له فلما ولى دعاه فقال هل تسمع النداء قال نعم قال فأجب فلم يجعل مجيبا له بصلاته في بيته إذا سمع النداء فدل على أن الإجابة المأمور بها هي إتيان المسجد للجماعة , وقد قالها غير واحد من السلف , وهذا هو الذي فهمه أعلم الأمة وأفقههم من الإجابة وهم الصحابة رضي الله عنهم فقال ابن المنذر في كتاب الأوسط روينا عن ابن مسعود وابي موسى انهما قالا من سمع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير