تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال القائلون بكفر تارك الصلاة: ومن الأدلة على كفر تارك الصلاة قول الله تبارك و تعالى (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصّلاَةَ وَاتّبَعُواْ الشّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً إِلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلََئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئا) مريم59 ,60 , فقوله تعالى (إِلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ) دليل على أنهم حين إضاعتهم للصلاة واتباع الشهوات لم يكونوا مؤمنين.

وأجاب القائلون بعدم تكفير تارك الصلاة: أما استدلالكم بهذه الآية فهو بعيد إذ أن السلف الصالح فسروا هذه الآية وقد اختلفوا في معنى الإضاعة وكذلك اختلفوا في الخلف الذين أضاعوا الصلاة وأتبعوا الشهوات , فمنهم من قال إن إضاعة الصلاة ليس معناها إضاعتها بالكلية وإنما هي إضاعة أركانها وواجباتها , ومنهم من قال أن الإضاعة هي تأخيرها عن وقتها , ومنهم من قال أنه يقصد بها إضاعة صلاة الجماعة في المسجد , هذا من ناحية معنى الإضاعة أما من ناحية الخلف فمنهم من يقول أنهم اليهود , ومنهم من يقول أنهم اليهود والنصارى , ومنهم من يقول أنهم أقوام من أمة محمد صلي الله عليه وسلم يأتون في آخر الزمان , وإذا كان الأمر كذلك فلا يمكن لكم الإستدلال بهذا الآية التى اختلف في تفسير معنها وحملها على أن الذين (يَلْقُونَ غَيّاً) هم تاركى الصلاة من هذه الأمة مع وجود أدلة صحيحة وصريحة على أن من أتى بالتوحيد ولم يشرك بالله تعالى فإن الله قد يغفر له ويدخله الجنة إذ أن الله تعالى قال أنه يغفر الذنوب جميعاً ولا يغفر أن يشرك به سبحانه وتعالى , والصلاة من جملة هذه الذنوب , قال تعالى (إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ) النساء48 , والصلاة دون ذلك و لا شك.

قال صاحب تفسير أضواء البيان: " واختلف أهل العلم في المراد بإضاعتهم الصلاة، فقال بعضهم: المراد بإضاعتها تأخيرها عن وقتها. وممن يروى عنه هذا القول ابن مسعود، والنخعي، والقاسم بن مخيمرة، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم. وقال القرطبي في تفسير هذه الآية: إن هذا القول هو الصحيح. وقال بعضهم: إضاعتها الإخلال بشروطها، وممن اختار هذا القول الزجاج، وقال بعضهم: المراد بإضاعتها جحد وجوبها. ويروى هذا القول وما قبله عن محمد بن كعب القرظي، وقيل: إضاعتها في غير الجماعات. وقيل: إضاعتها تعطيل المساجد، والاشتغال بالصنائع والأسباب. قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: وكل هذه الأقوال تدخل في الآية. لأن تأخيرها عن وقتها، وعدم إقامتها في الجماعة، والإخلال بشروطها، وجحد وجوبها، وتعطيل المساجد منها ـ كل ذلك إضاعة لها، وإن كانت أنواع الإضاعة تتفاوت، واختلف العلماء أيضاً في الخلف المذكورين من هم؟ فقيل: هم اليهود. ويروى عن ابن عباس ومقاتل. وقيل: هم اليهود والنصارى، ويروى عن السدي. وقيل: هم قوم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يأتون عند ذهاب الصالحين منها، يركب بعضهم بعضاً في الأزقة زنى. ويروى عن مجاهد وعطاء وقتادة ومحمد بن كعب القرظي. وقيل: إنهم البربر، وقيل: إنهم أهل الغرب. وفيهم أقوال أخر. قال مقيده عفا الله عنه: وكونهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ليس بوجيه عندي , لأن قوله تعالى (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ) صيغة تدل على الوقوع في الزمن الماضي، ولا يمكن صرفها إلى المستقبل إلا بدليل يجب الرجوع إليه كما ترى. والظاهر أنهم اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار الذين خلفوا أنبياءهم وصالحيهم قبل نزول الآية، فأضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات ".

كما أن هذه الآية قد بينت أن هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات (فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً) , أنهم سوف يدخلون النار , ولكن ليس فيها أنهم مخلدون فيها, فكون أن تارك الصلاة يعاقب على تركه لها فهاذا لا خلاف فيه إذ هو صاحب كبيرة من الإثم يستحق عليها العذاب"أهـ.

الدليل الرابع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير