تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذهب فريق آخر إلى أن تارك الصلاة، لا يكفر إلا بالترك الكلي أي لا يسجد لله سجدة: لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)، فمن كان يصلي أحياناً لم يصدق عليه أنه ترك الصلاة، ويقول (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) , ولم يقل من ترك صلاة فقد كفر، ولم يقل بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك صلاة، بل قال (ترك الصلاة)، فظاهره أنه لا يكفر إلا إذا كان تركها تركاً عاماً مطلقاً.

قال القائلون بعدم تكفير تارك الصلاة: إن أضطرابكم في أمر عظيم، وهو " التكفير " , ليعد دليلا على عدم انضباط المسألة عندكم إذ أن مكفري تارك الصلاة غير متفقين على من هو تارك الصلاة , فإن قلنا لكم ماهو الحد في هذا الترك، الذي يكون به التارك كافرًا؟

فسوف يكون الجواب مضطرباً على عدة أوجه , وهذا الأمر يدل على اضطرابكم في الحكم على تاركها.

الفصل الثاني أدلة القائلين على عدم كفر تارك الصلاة وإجابة القائلين على تكفيره

الدليل الأول

قال القائلون بعدم تكفير تارك الصلاة: قال تعالى (إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ) النساء48 , وما دون الشرك يشمل ترك الصلاة , فلو كان تركها كفرا لما دخل تحت قوله تعالى (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ).

فأجاب القائلون بتكفير تاركها: إن استدلالكم بقول الله تعالى (إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ) النساء48 , ليس فيه دليل على ماذكرتم , فإن معنى قوله تعالى (مَا دُونَ ذَلِك) , ما هو أقل من ذلك، وليس معناه ما سوى ذلك، بدليل أن من كذب بما أخبر الله به ورسوله، فهو كافر كفراً لا يغفر له وليس ذنبه من الشرك.

ولو سلمنا أن معنى (مَا دُونَ ذَلِك) , ما سوى ذلك، لكان هذا من باب العام المخصوص بالنصوص الدالة على الكفر بما سوى الشرك والكفر المخرج عن الملة من الذنب الذي لا يغفر وإن لم يكن شركا.

الدليل الثاني

قال القائلون بعدم تكفير تارك الصلاة: هناك أحاديث كثيرة وصحيحة تفيد أن كل من قال " لا إله إلا الله " دخل الجنة ولم يشترط فيها الصلاة ومن هذه الأحاديث مايلي:

1 - حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه وفيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال (مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) البخاري ومسلم.

2 - حديث عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْعَمَلِ) البخاري ومسلم.

3 - حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) صححه الألباني.

فأجاب القائلون بتكفير تاركها: بأن هذه الأحاديث وما في معناها على قسمين:

الأول: إما عام مخصوص بالأحاديث الدالة على كفر تارك الصلاة.

الثاني: وإما مطلق مقيد بما لا يمكن معه ترك الصلاة كما هو واضح في قوله (يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ) البخاري , وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّار) البخاري , فهي مقيدة بإن يكون (صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ) , وصدق القلب يمنعه من ترك الصلاة , لأن إخلاصه وصدقه يحملانه على الصلاة ولا بد.

الدليل الثالث

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير