تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

له ما وجد مندوحة عنه وقدر أن يحيل بالأمر فيه على غيره كانت المعونة له من الله أكثر والصلاح في جوابه وفتياه أغلب وقال بشر الحافي من أحب أن يسأل فليس بأهل أن يسأل وكان أبو الحسن القابسي ليس شيء أشد عليه من الفتيا وقال تارة ما ابتلى أحد بما ابتليت به أفتيت اليوم في عشر مسائل ورأى رجل ربيعة بن عبد الرحمن يبكي فقال ما يبكيك فقال أستفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم وقال ولبعض من يفتي ها هنا أحق بالسجن من السراق قلت فكيف لو رأى زماننا وأقدام من لا علم عنده على الفتيا مع قلة خبرته وسوء سيرته وشؤم سريرته وإنما قصده السمعة والرياء ومماثلة الفضلاء والنبلاء والمشهورين المستورين والعلماء الراسخين والمتبحرين السابقين ومع هذا فهم ينهون فلا ينتهون وينبهون فلا ينتبهون قد أملي لهم بانعكاف الجهال عليهم وتركوا ما لهم في ذلك وما عليهم فمن أقدم على ما ليس له أهلا من فتيا أو قضاء أو تدريس أثم فإن أكثر منه وأصر واستمر فسق ولم يحل قبول قوله ولا فتياه ولا قضاؤه هذا حكم دين الإسلام والسلام ولا اعتبار لمن خالف هذا الصواب فإنا لله وإنا إليه راجعون وقد قال ابن داود وغيره إن الشافعي شرط في المفتي والقاضي شروطا لا توجد إلا في الأنبياء وقال بعض أصحابه شرط الشافعي فيهما شروطاً تمنع أن يكون بعده حاكم وكتب سليمان إلى أبي الدرداء بلغني أنك قعدت طبيباً فاحذر أن تقتل مسلماً وتحرم الفتوى على الجاهل بما يسأل عنه لما سبق من الحديث وإن كان عارفا بغيره وقال سفيان أدركت الفقهاء وهم يكرهون أن يجيبوا في المسائل والفتيا حتى لا يجدوا بدا من أن يفتوا وقال أدركت العلماء والفقهاء يترادون المسائل يكرهون أن يجيبوا فيها فإذا أعفوا منها كان أحب إليهم وقال أعلم الناس بالفتيا أسكتهم عنها وأجهلهم بها أنطقهم فيها.

باب صفة المفتي وشروطه وأحكامه وآدابه وما يتعلق به ومن صفته وشروطه أن يكون مسلما عدلا مكلفا فقيها مجتهدا يقظا صحيح الذهن والفكر والتصرف في الفقه وما يتعلق به أما اشتراط إسلامه وتكليفه وعدالته فبالإجماع لأنه يخبر عن الله تعالى بحكمه فاعتبر إسلامه وتكليفه وعدالته لتحصل الثقة بقوله ويبنى عليه كالشهادة والرواية.

فصل والعدل من استمر على فعل الواجب والمندوب والصدق وترك الحرام والمكروه والكذب مع حفظ مروءته ومجانبة الريب والتهم بجلب نفع ودفع ضرر فإن كان هذا وصفه ظاهرا وجهل باطنه ففي كونه عدلاً خلاف وظاهر مذهبنا أنه ليس عدلا كما لو علم أن باطنه بخلاف ظاهره وعلى كلا القولين ليس بعدل من يقول على الله أو على رسوله أو غيرهما أو جازف في أقواله وأفعاله مع إثمه بذلك أو إسقاط مروءته وتفصيل ذلك في كتب الفقه وبالجملة كل ما يأثم بفعله مرة يفسق بفعله ثلاثا وإن كان كبيرة فمرة وكل ما أسقط العدالة إذا كثر وإن لم يكثر لم يأثم به.

فصل فأما الفقيه على الحقيقة فهو من له أهلية تامة يمكنه أن يعرف الحكم بها إذا شاء معرفته جملة كثيرة عرفها من أمهات مسائل الأحكام الشرعية الفروعية العملية بالاجتهاد والتأمل وحضورها عنده فكل فقيه حقيقة مجتهد قاض لأن الاجتهاد بذل الجهد والطاقة في طلب الحكم الشرعي بدليله وكل مجتهد أصولي فلهذا كان علم أصول الفقه فرضا على الفقهاء وقد ذكر ابن عقيل أنه فرض عين وقال العالمي الحنفي إنه فرض عين على من أراد الاجتهاد والفتوى والقضاء وفرض كفاية على غيرهم وهو أولى إن شاء الله تعالى والمذهب أنه فرض كفاية كالفقه قلت نحمله على غير الثلاثة ولأن به يعرف الدليل والتعليل والصحيح والفاسد والعليل والنبيل والرذيل وكيفية الاستدلال والاستنباط والإلحاق والاجتهاد والمجتهد والفتوى والمفتي والمستفتي ومن يجوز له الاجتهاد والفتوى أو يجبان عليه أو يحرمان أو يندبان له ومن يلزمه التقليد أو يمتنع عليه وفيما يجوز أو يمتنع ومن جهله كان حاكي فقه وفرضه التقليد وقد أوجب ابن عقيل وغيره تقديم معرفته على الفروع ولهذا ذكره القاضي وابن أبي موسى وابن البنا وأبو بكر عبد العزيز في أوائل كتبهم الفروعية وقال أبو البقاء العكبري أبلغ ما يتوصل به إلى أحكام الأحكام اتقان أصول الفقه وطرف من أصول الدين لكن القاضي أوجب تقديم الفروع لتحصل الدربة والملكة وهو أولى إن شاء الله تعالى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير