تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فصل لا يجوز التقليد فيما يطلب فيه الجزم ولا إثباته بدليل ظني لأنه لا يحصل بهما فلا يجوز التقليد في معرفة الله تعالى وتوحيده وصفاته ولا في نبوة رسله وتصديقهم فيما أتوا به وغير ذلك مما يشترك في وجوب معرفته كل مكلف قبل النظر في المعجزة وثبوت النبوة بها قاله القاضي أبو يعلى وأصحابه كلهم كأبي الخطاب وابن عقيل وغيرهما وابن الجوزي وسائر المتميزين منا ومن غيرنا وهو المشهور المنصور عند الأصحاب وغيرهم لأنه قد لا يستدل عليه إلا بالعقل الذي يشترك فيه المكلفون فيصير كل مكلف مجتهدا في ذلك لاشتراكهم في العقل الذي تعرف به هذه الأشياء وغيرها فلم يجز لبعضهم تقليد بعض كالعلماء الذين لا يجوز لبعضهم تقليد بعض لاشتراكهم في آلة الاجتهاد والتقليد هو الأخذ بقول الغير من غير حجة ملزمة وقول النبي صلى الله عليه وسلم حجة فليس الأخذ به تقليدا قاله الشيخ موفق الدين المقدسي رحمه الله وغيره وإذا ثبتت النبوة بالمعجزة وجب اتباع الرسول وتصديقه فيما جاء به لقيام الدليل على وجوب ذلك والله أعلم.

وقد قال أصحابنا وغيرهم أن المعلوم إما أن يعلم بالشرع أو العقل أو بهما فما يتوقف عليه الشرع لا يتوقف على الشرع بل يعلم بدونه وتفصيل ذلك وتحريره وتقريره في أصول الفقه والدين.

فصل وأدلة منع التقليد بوجوب النظر في الكتاب كثيرة، وقد قال ابن مسعود ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلا إن آمن،آمن وإن كفر، كفر وقال ألا لا يوطنن أحدكم نفسه إن كفر الناس أن يكفر وقال لا يكن أحدكم إمعة يقول إنما أنا رجل من الناس إن ضلوا ضللت وإن اهتدوا اهتديت ألا لا يوطنن نفسه إن كفر الناس أن يكفر وقال أحمد من ضيق علم الرجل أن يقلد في اعتقاده وقال لرجل لا تقلد دينك أحدا وعليك بالأثر و قال المفضل بن زياد لا تقلد دينك الرجال فإنهم لن يسلموا أن يغلطوا ولأن الأمة أجمعت على أن المكلف لا بد له من اعتقاده جازم والتقليد لا يفيده كما سبق وقد استوفينا الكلام في ذلك في المرتضى وغيره.

فصل ويجوز التقليد فيما يطلب فيه الظن من الأحكام الشرعية وإثباتها بدليل ظني وكل حكم يثبت بدليل ظني فهو اجتهادي إذ لا اجتهاد مع القطع فإن الاجتهاد بذل الوسع في طلب الحكم الشرعي بدليله وقيل يجب التقليد في الأحكام الشرعية الفروعية العملية المعروفة بالدليل إذا لم يعلم بالضرورة أنها من الدين وما علمنا بالضرورة أنه من الدين فلا تقليد فيه كما سبق وإن كان من الفروع ودليل وجوب التقليد فيها قوله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر في الذي أصابته الشجة وهو جنب فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة فقالوا لا نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات قتلوه قاتلهم الله أو قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال رواه أبو داود وغيره إذ لو منع كل الناس من التقليد وكلفوا معرفة الأحكام بدليل تعين فرض العلم على الكافة وتعطلت المعايش وفسد النظام والجهاد وكثير من أمر الدين والدنيا وقد دل على أنه فرض كفاية قوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون لأن في ذلك عسراً أو حرجا ينتفيان بقوله تعالى وما جعل عليكم في الدين من حرج وقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقوله تعالى يريد الله أن يخفف عنكم وقوله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا إضرار في الإسلام رواه مالك وغيره ولو جاز للكل التقليد بطل الاجتهاد وسقط فرض التعلم والتعليم واندرس العلم وإنما طلب العلم بالأحكام الشرعية الفروعية فرض كفاية ليكون الباقون تبعا ومقلدين له والآية المذكورة لم تسقط الاجتهاد عن الكل ولا أوجبته على الكل بل على البعض وهو المدعى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير