تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

((فصل: وها هنا قاعدة يجب ا لتنبيه عليها، وهي أنه إذا ثبت عن مالك وأحمد وغيرهما تأويل شيء في موارد النزاع لم يكن فيه أكثر من أنه وقع بينهم نزاع في معنى الآية أو الحديث، وهو نظير اختلافهم في تفسير آيات أو أحاديث؛ مثل تنازع ابن عباس وعائشة في قوله تعالى: ? وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى? [النجم: 13]؛ فقال ابن عباس: رأى ربه. وقالت عائشة: بل رأى جبرائيل. وكتنازع ابن مسعود وابن عباس في قوله تعالى:

? فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ? [الدخان: 10]؛ فقال ابن مسعود: هو ما أصاب قريشاً من الجوع، حتى كان أحدهم يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان. وقال ابن عباس: هو دخان يجيء قبل يوم القيامة. وهذا هو الصحيح ... ونظائر ذلك؛ فالحجة هي التي تفصل بين الناس)).

أقول: وعلى ذلك دل الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة؛ فمن جاء بالحجة؛ قبل قوله، ومن لم يأت بها؛ رد قوله، وإن كان عالماً جليلاً؛ فالحجة في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى: ? فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ? [النساء: 159]، والرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم الرد إلى سنته والتحاكم إليها.

فإذا رددنا الاختلاف في آيات وأحاديث الصفات؛ وجدنا الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة على ترك التأويل الباطل، ووجوب إثبات الصفات لله تعالى.

ومن ذلك المجيء والإتيان والنزول ونحو ذلك؛ فإن الله جل وعلا

أثبت مجيئه وإتيانه، وقد تقدم قوله تعالى: ? وَجَاءَ رَبُّكَ ? [الفجر: 22].

وأما الإتيان؛ فقد قال تعالى: ? هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ? [البقرة: 210]،وقال تعالى: ? هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ ? [النعام: 158]؛ ففرق الله جل وعلا بين

إتيان الملائكة وإتيانه بنفسه، وهذا ظاهر، وقد قال مجاهد على قوله تعالى: ? أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ ?؛ قال: ((يوم القيامة لفصل القضاء)) ().

وقد حرف هذه الآية وما في معناها من إثبات الإتيان لله جل وعلا الجهمي المعطل الكوثري في تعليقه على كتاب ((الأسماء والصفات)) للبيهقي، وقال: ((قال الزمخشري ما معناه: يأتي الله بعذاب في الغمام الذي ينتظر منه الرحمة، فيكون مجيء العذاب من حيث تنتظر الرحمة أفظع وأهول. وقال إمام الحرمين: ? فِي? بمعنى الباء. كما سبق. وقال الفخر الرازي: أن يأتيهم أمر الله ... )).

وهذا كله تحريف للكلم عن مواضعه، وصرف للآيات عن معناها بتأويلات مستكرهة موروثة عن الجعد بن درهم.

وما تقدم فيه كفاية في الرد على من تأول الإتيان بالتأويلات الباطلة.

وأما قول الكوثري. ((قال الزمخشري) فأقول: وإن كان الكوثري شراً من الزمخشري؛ إلا أن الزمخشري معتزلي متلاعب بكتاب الله جل وعلا، محرف للكلم عن مواضعه.

وقد قال العلامة حمد بن عتيق رحمه الله كما في ((الدرر السنية)) (10/ 15): ((ومن أبلغ الناس بحثاً في المعاني الزمخشري، وله في ((تفسيره)) مواضع حسنة، ولكنه معروف بالاعتزال، ونفي الصفات، والتكلف في التأويلات الفاسدة، والحكم على الله بالشريعة الباطلة، مع ما هو عليه من مسبة السلف، وذمهم، والتنقص بهم، وفي تفسيره عقارب لا يعرفها إلا الخواص من أهل السنة، وقد قال فيه بعض العلماء:

ولكنه فيه مقال لقائل

وزلات سوء قد أخذن المخانقا

ويسهب في المعنى القليل إشارة

بتكثير ألفاظ تسمى الشقاشقا

يقول فيها الله ما ليس قائلاً

وكان ممجًا في الخطابة وامقاً

ويشتم أعلام الأئمة ضلة

ولا سيما إن أولجوه المضائقا

لئن لم تداركه من الله رحمة

لسوف يرى للكافرين مرافقا

وأما نقل الكوثري عن الرازي؛ فسيأتي إن شاء الله تعالى ترجمة لبيان حال الرازي، وبيان ما هو عليه من الاعتقاد، وكلام العلماء فيه؛ حتى لا يغتربه من لا يعرف حاله.

ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[11 - 03 - 06, 03:34 م]ـ

* قال ابن الجوزي (ص 101):

((فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه (يعني: مذهب أحمد) ما ليس منه! ثم قلتم في الأحاديث: تحمل على ظاهرها، وظاهر القدم الجارحة ... )).

* أقول:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير