تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 ـ أن التعبد لله ببيان حرامه وحلاله، والدعوة إلى توحيده واتباع سنة رسوله والتحذير من الإشراك به والابتداع في دينه، والبحث في أصول الدين وفروعه، والوسائل المشروعة التي توصل إلى ذلك هو ما نقصده بمصطلح (المؤلفات الشرعية)، وهو من أفضل ما يتقرب به العبد لمعبوده، وأساس العبادة إخلاصها لله وتنزيهها عن شوائب الشرك بحظوظ النفس وإرادة العاجلة.

2 ـ واجب المسلم: الغيرة على الأخلاق الشرعية التي تميز من يرجو لقاء الله وثوابه الأبدي من أن تطفى عليها أخلاق غير شرعية تسلّلت من الحضارة العلمانية وتكررت بين المسلمين حتى صارت عادات مألوفة وهي تخالف شرع الله وسنة رسوله وسبيل المؤمنين القدوة. ولا شك أن إشراف المؤلِّف المسلم وسُؤَاله ثمن مؤلَّفه في العلوم الشرعية وابتداع قاعدة عامة وعُرْف سائد بين جماعة المسلمين تقضي بأن يقبض ثمرة علمه وعبادته ثمناً بخساً دراهم معدودة؛ إنما ذلك هدم للأخلاق الشرعية العظيمية التي رضيها الله وأتم بها النعمة.

3 ـ ذكرنا فيما سبق أن القوانين المنظمة لحق المؤلِّف المالي هي من ابتداع حكومة الثورة الفرنسية الغاشمة التي قامت على فكرة العلمانية وعزل الدين عن النظام ومع ذلك راعت حقوق الناس جميعاً في المؤلَّف لأنهم شركاء في انتاجه، بل إن مشاركتهم فيه هي العنصر الغالب والأهم [من حيث الحافز للمؤلِّف، وإعداده ليكون أهلاً للتأليف، وتوفير أدوات التأليف ووسائله: اللغة والفكر وطرق البحث ومراجعه .. الخ]، وإنما قام بالتعبير واللغة ليست من عنده، ونوسل بالكتابة وهي ليست من ابتكاره ولا شيء من أدواتها، وأغلب عناصر التفكير ـ إن لم تكن كلّها ـ حصل عليها المؤلِّف من مؤلِّفين سابقين لم يَطْلُب خَيرُهُم حقوقاً مالية لمؤلفاتهم؛ لهذا لم تجعل القوانين حق المؤلِّف مطلقاً.

4 ـ في البيئة المسلمة توجد أسباب أخرى سبقت الإشارة إلى بعضها تمنع أن يُقَدَّر حقُّ المؤلِّف فوق قدره، وفي المؤلفات الشرعية بخاصة حقوق لله تعالى فوق حقوق خلقه لا بدّ من حمايتها.

5 ـ ما لم يفصح المؤلِّف الشرعي عن إرادته: العاجلة من عمله أو إشراك حظ النفس مع الله فيه؛ فإن مؤلَّفه يقع في الملكيّة العامة كالصدقة الجارية والوقف، وإذا كانت القوانين لا تحمي المؤلِّف الواقع في الملكية العامة حتى لا تعوق الحمايةُ التَّقَدُّم الدنيوي؛ فالأولى ألا يُحْمَى المؤلَّف الواقع في الملكية العامة مما يُقْصد منه ـ شرعاً ـ هداية الخلق وإظهار العلم المحرّم كتمانه ورضا الله وثوابه في الآخرة الباقية.

وبما أنه لا يجوز للمتصدق العَود في صدقته ولا يجوز للواقف الرُّجوع عن وقفه؛ فإن المؤلَّف الذي تقرّب به مؤلِّه له لا يجوز لمؤلِّفه الرجوع فيه [ولا تحجيره ولا احتكاره] فضلاً عن أنه يجوز ذلك لورثته.

6 ـ أما لو أفصح المؤلِّف الشرعي صراحة عن إرادته أن يتمتع مؤلَّفه بالحماية القانونية، وأن يتمتع هو بالحق المالي القانوني للتأليف؛ فقد تجاب رغبته من الناحية القانونية [في البلاد التي تحكمها قوانين البشر، أما عن جواز هذا القصد من الناحية الشرعية وسريان الحماية [والتحجير والاحتكار] على المؤلَّف فقد سبقت الإشارة إلى الجواب [لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد].

ك ـ يتردد في حجج المؤلِّفين من طلاب العلم الشرعي الرّاغبين في الاستفادة من قانون حفظ حقوق المؤلِّف ما يلي:

1 ـ حفظ حقوق التأليف يشجع البحث ويشحذ الهمم للتأليف.

2 ـ الناشر يَكْسَب المال والدّعاية من نشره المؤلَّف فكيف يُحْرَم المؤلِّف؟ والجواب: أنَّ هذه بعض الحجج نفسها الدافعة لاصدار قوانين الحفظ والحماية. أمّا المسلم فين يكون مغبوناً أو محروماً إذا اختار ما وعد الله المخلصين له على دراهم معدودة يستعجلها ثمناً لما يُبْتغي به وجه الله وحده. وإذا كانت الثكلى ليست كالنائحة المأجورة، وإذا كان انبعاث الهمّة للبحث والتأليف الشرعي بقصد نفع الخلق وثواب الخالق أحرى بحصول البركة والقبول والنّفع والانتشار للمؤلَّف، وإذا وضع المؤلِّف ذلك في حسابه ووزنه وقياسه فوق كل اعتبار؛ [ألا يكفيه شرع الله وثوابه عما ابتدعته القوانين العلمانية؟].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير