تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأما قول ابن عبد ابر " قد صح عن ابن معين من طرق أنه كان يتكلم فى الشافعى على ما قدمت لك حتى نهاه أحمد بن حنبل وقال له: لم تر عيناك مثل الشافعى " فالذى قدمه هو قوله: " ومما نقم على ابن معين وعيب به أضاً قوله فى الشافعى أنه ليس بثقه وقي لأحمد ابن حنبل: آن يحى بن معبن يتكلم فى الشافعى، فقال أحمد: من أين يعرف يحى الشافعى؟ هو لا يعرف الشافعى ولا يعرف ما يقول الشافعى – أو نحو هذا، ومن جهل شيئا عاداه! قال أبو عمر: صدق أحمد بن حنبل رحمه الله، ابن معين كان لايعرف ما يقول الشافعى، وقد حكى عن ابن معين أنه سئل عن مسألة من التيمم فلم يعرفها، ولقد أحسن أكثم بن صيفى فى قوله: ويل لعالم أمر من جاهله، من جهل شيئا عاداه ومن أحب شيئا استعبده ". والتكلم فى الرجل قد بما ليس بحرج، فلا يصلح قوله: " كان يتكلم فيه " متابعة لكلمة: " ليس بثقة ". وقدم ابن عبد البر أيضاً أن ابن معبن سئل عن الشافعى فقال: ما أحب حديثه ولا ذكره. وهذا تكلم ولا يعطى معنى: " ليس بثقه " ولا ما يقرب منها، وقد جاء أن ابن معين رأى فى كتاب للشافعى تسميته لمقالتى على رضى الله عنه بغاة، فأنكر ذلك، وعرضه على أحمد فقال أحمد: فماذا يقول؟ أو كما قال – يعنى أن هذا الوصف هو الذى وصف به الكتاب والسنة الطائفة آلتي تقاتل أهل الحق مطلقا -: فقد يكون ابن معين عد ذلك ميلاً إلى التشيع فأوحشه بغداد لزمه أحمد وقصر فى مجالسة ابن معين، وهذا أيضاً مما يوحش ابن معين، وقد كان ابن معين اعتاد من أصحاب الحديث أن يهابوه ويحترموه ويلاطفوه كماترى شواهد فى ترجمته فى (التهذيب) وفى ترجمة موسى بن اسماعيل فكان الشافعى لما ورد بغداد قصر فى ذلك،

(1) قلت: ومن أجمع ما رأيت فى الثناء على الامام الشافعى رحمه الله تعالى قول ابن عبد الحكم: {ما رأينا مثل الشافعى، كان أصحاب الحديث ونقاده يجيئون إليه، فيعرضون عليه، فربما أمل نقد النقاد منهم، ويوقفهم على غوامض من علم الحديث لم يقفوا عليها، فيقومون وهم متعجبون منه. ويأتيه أصحاب الفقه المخالفين والموافقون، فلا يقومون إلا وهم مذعنون له بالحذق والديانة. ويجيئه أصحاب الأدب، فيقرؤن عليه الشعر، فيفسره، ولقد كان يحفظ عشرة آلاف بيت شعر أشعار هذيل، بإعرابها وغريبها ومعانيها، وكان من أضبط الناس للتاريخ، وكان يعينه على ذلك شيئان: وفور عقل، وصيحة دين، وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله عز وجل.

أخرجه الخطيب فى (جزء مسألة الاحتجاج بالشافعى فيما أسند إليه، والرد على الطاعنين بعظم جهلهم عليه). وفيه فوائد هامة فى ترجمة الشافعى وغيره من الأئمة لا توجد فى ترجمة الإمام فى " تاريخ بغداد " وهو جزء صغير فى (13) ورقة، وقد عملت الأرضة فى كثير منها حتى أتت على بعض كلماتها، فعسى أن يسخر الله له من ينشره، قبل أن تقضى الأرضة عليها. ثم طبع أخيراً بتحقيق إبراهيم ملاً خاطر.

وهذا أيضاً مما يورث الوحشة وقد كان الشافعى حسن الظن بإبراهيم بن أبى يحيىيكثر الرواية عنه، وابن معين والجمهور يكذبون ابن أبى يحيى، فلا بدع أن تجتمع هذه الأمور فى نفس ابن معين فيقول فى الشافعى: (لا أحب حديثه ولا ذكره) ولا يعطى ذلك معنى ليس بثقة ولا تقارب. وقد روى الزعفرانى وغيره عن ابن معين ثناء على الشافعى فى الرواية كما تراه فى (التهذيب) و (تذكرة الحفاظ) وراجع ترجمة الزبير بن عبد الواحد الأسدابادى فى (التذكرة) (1). وقد كان الرواه اللذين هم أثبت من ابن وضّاح يخطئون على ابن معين، يتكلم ابن معين فى الرجل فيروون ذلك الكلام فى رجل آخر كما قدمت أمثلة من ذلك فى القاعدة السادسة نتى قسم القواعد ولعل هذا منه كما أوضحته هناك. وإذا اختلف النقل عن إمام، أو اشتبه أوارتيب فينظر فى كلام غيره من الأئمة، وقضى فيما روى عنه بماثبت عنهم، فإذا نظرنا كلام الأئمة فى الشافعى لا نجد إلا الثناء البالغ ممن هو أكبر من ابن معين كابن مهدى ويحيى القطان، ومن أقران ابن معبن كالإمام أحمد وابن المدنى، وممن هو بعده حتى قال أبو زرعة الرازى غلط فيه " وال النسائى: " كان الشافعى عندنا أحد العلماء مأموناً " وأمثال هؤلاء. كثير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير