تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثالث: أن فروع مذهبه يكثر فيها عدم الجريان على أصوله.

فأما الأول فالأستاذ يعلم أنه يركب فيه المجازفة الفاحشة والكذب المفضوح، فإنه يعلم أنه لابد أن يكون فى القديم كثير من المسائل الإجماعية التي لم يخالها الشافعى أولاً ولا آخر وكثيراً من المسائل آلتي لم يزل الشافعى موفقاً فيها لمالك لأن عامة المسائل التي رجع عنها فى الجديد كان فى القديم موفقا لمالك، وكثيراً من المسائل التي كان فى القديم موفقاً فيها للحنفية واستمر على ذلك فى الجديد. فبأى دبن أم بأى عقل يقول الأستاذ: " رجع عما حواه كتاب (الحجة)؟!!!

أما أمر الشافعى بغسل كتاب (الحجة) وأن لا يرى عنه إن صح ذلك فإنما هو – كما يعلم الأستاذ – لأنه كان فيه مسائل رجع عنها الشافعى، ولأنه لم يكن تيهاً له إتقان تهذيبه وترتيبه واستيفاء الحجج وإيضاح البيان فيه، وعلم أن جميع ما فيه عدا المسائل التي رجع عنها قد ضمنه كتبه الجديدة مع سلامتها من تلك النقائص وزيادتها لحجاج وأصول وفروع لا تحصى، فلم يرى لبقائه وروايته عنه فائدة بل فيه مضرة ما ن كأن يغتر بعض أتباعه ببعض المسائل آلتي رجع عنها أو يغتر مخالفه بما فيه من تقصير فى الاحتجاج فى بعض مسائل الخلاف فيتوهم أنه لاحجة للشافعى إلا ما فى ذلك الكتاب. وهذا أمر بغاية الوضوح يخجل صاحب العلم من شرحه ولكن ماذا نصنع بالأستاذ؟ يحاول التلبيس على الجهال فيضطرنا إلى أن نشرح القضية كأننا نشرحها لأجل الناس، ويضع وقته ووقت غيره، كأنه لا يوقن أنه مسؤول عن عمره فيم أفناه؟ وأما الأمر الثانى، فقد ذكر محققو الشافعية أن ذلك إنما وقع للشافعى فى ستة عشر أو سبعة عشر موضعاً فقد يكون الشافعى يرى رجحان أحد القولين وإنما لم ينص على ذلك ليجىء أصحابه إلى النظر لأنفسم فيما ذكره الشافعى وفيما لم يذكره ن وهذا كان مقصوده الأعظم من تأليف الكتب. قال المزنى أول مختصره: " اختصرت هذا الكتاب من علم محمد بن ادريس الشافعى رحمه الله تعالى لأقربه على كمن أراد مع إعلامه نهيه عن تقليده وتقليد غيره لينظر فيه لدينا ويحتاط لنفسه ". ويقرب من هذا ما تراه فى كتب التغليم من إيراد عدة أسألة بدون حلها تمريناً للطالب ليعمل فكره فى حلها. وقد لا يكون تمكن فى الوقت من استيفاء النظر ولم تكن القضية واقعة حتى يلزمه وقف نفسه عليها حتى يستو فى النظر فتركها واشتغل بغيرها، ولم يستحل أن يقول شيئاً قبل استيفاء النظر فيقع فى مثل ما ذكره الأستاذ فى (التأنيب) ص123 عن حفص فيفتى فيها بخمسة أقاويل "!

وأما الأمر الثالث، فلا ريب أن فى مذهب الشافعى فروعاً يتعسر تطبيقها على أصوله ولكن ما فيه من هذا القبيل لا يكاد يذكر فى جانب بسطها، ومن اطلع على قسم الفقهيات من كتابنا هذا اتضح له الأمر. وكذلك ما زعمه الكوثرى من حيرة فقهاء الشافعية واضطرابهم ليس بشيء بالنسبة إلى ما وقع لفقهاء الحنفية، ومن شاء فليطالع كتب الفقه فى المذهبين بل يكفيه أن ينظر أول مسألة من قسم الفقهيات وهى مسألة ضرورية من مبادىء الطهارة ارتبك فيها الحنفية أشد الإرتباك، وما ذكره من كتب ظاهرة الرواية عندهم ليس بشيء، لأن كتب ظاهر الرواية يقع فيها الإختلاف.

وأما كتاب ابن الحكم فلم يعترف الشافعية بصدقه كما اعترف الكوثرى وغيره بصدق كلمة الشافعى كما مر، والعلم باتفاق الصحابة والتابعين واختلافهم لا يستلزم جودة النظر وصحة الفهم للترجيح فيما اختلفوا فيه، واستنباط حكم ما لم ينقل عنهم فيه شىء، والأستاذ وكل ذى معرفة يتحقق أن البون فى هذا بين الشافعى وابن عبد الحكم بعيد جداً، وإن كان الشافعى غير معصوم عن الخطأ، وابن عبد الحكم غير محجوب البته عن الإصابة.

وأما ما نقل عن الشافعى أنه قال: " الناس عيال فى الفقه على أبى حنيفة " فلم يتواتر كما زعم الأستاذ. ولو شئنا لقلنا ولكننا نقصر هنا على ما يعترف به الأستاذ وهو أن أبا حنيفة إذا عرف الأصل أحسن فى التفريع وأجاد، وإذا لم يعرف الأصل أو لم يأخذ به وقع فى التخليط كما وقع له فى الكتب آلتي تقدم ذكرها، ويقول الأستاذ: إنها لا تجاوز الخمسة فثناء الشافعى بحسب الأول وانتقاده بحسب الضرب الثانى. وأما ما يتعلق بمحمد بن الحسن فيعلم فيه مما يأتى.

فصل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير