قال أبو الفرج قال مالك أول الوقت أفضل في كل صلاة إلا الظهر في شدة الحر
الاستذكار ج:1 ص:24
وفي كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري أن صل الظهر إذا زاغت الشمس (1)
وسنبين معنى الحديثين عن عمر بعد إن شاء الله
واختلفوا في آخر وقت الظهر فقال مالك وأصحابه آخر وقت الظهر إذا كان ظل كل شيء مثله بعد الغدو (2) الذي زالت عليه الشمس وهو أول وقت العصر
وبذلك قال بن المبارك وجماعة
واستحب مالك لمساجد الجماعات أن يؤخروا العصر بعد هذا المقدار قليلا
وهذا كله آخر الوقت المختار وكذلك هو ما دامت الشمس بيضاء نقية لأهل الرفاهية (3) وأما أهل الضرورات ومن لهم الاشتراك في الأوقات (4) فسيأتي ذكر حكمهم في موضعه إن شاء الله
وفي الأحاديث الواردة بإمامة جبريل ما يوضح لك أن آخر وقت الظهر هو أول وقت العصر لأنه صلى بالنبي عليهما السلام - الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر بالأمس
وقال الشافعي وأبو ثور وداود آخر وقت الظهر إذا كان ظل كل شيء مثله إلا أن بين آخر وقت الظهر وأول وقت العصر فاصلة وهي أن يزيد الظل أدنى زيادة على المثل
وحجتهم حديث أبي قتادة عن النبي عليه السلام أنه قال ليس التفريط في النوم إنما التفريط في اليقظة على من لم يصل الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى (5) وهذا عندهم فيما عدا الصبح للإجماع في الصبح أنها يخرج وقتها بطلوع الشمس فإن لم يدخل وقت الأخرى فلا
ومن حجتهم أيضا حديث عبد الله بن عمرو عن النبي - عليه السلام - أنه قال وقت الظهر ما لم يدخل وقت العصر
الاستذكار ج:1 ص:25
وقد ذكرنا حديث أبي قتادة وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص من طرق في كتاب التمهيد
وقال الثوري والحسن بن صالح وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ومحمد بن جرير الطبري آخر وقت الظهر إذا كان ظل كل شيء مثله ثم يدخل وقت العصر
ولم يذكروا فاصلة إلا أن قولهم ثم يدخل وقت العصر يقتضي الفاصلة
وقال أبو حنيفة آخر وقت الظهر إذا كان ظل كل شيء مثليه فخالف الآثار والناس لقوله بالمثلين في آخر وقت الظهر وخالفه أصحابه في ذلك
وذكر الطحاوي رواية أخرى عن أبي حنيفة أنه قال آخر وقت الظهر حين يصير ظل كل شيء مثله مثل قول الجماعة ولا يدخل وقت العصر حتى يصير ظل كل شيء مثليه
فترك بين الظهر والعصر وقتا مفردا لا يصلح لأحدهما وهذا لم يتابع عليه أيضا
وأما أول وقت العصر فقد تبين من قول مالك ما ذكرنا فيه ومن قول الشافعي ومن تابعه على ما وصفناه ومن قول سائر العلماء أيضا في مراعاة الميل من الظل ما قد بيناه وهو كله معنى متقارب
وقال أبو حنيفة أول وقت العصر من حين يصير الظل مثلين
وهذا خلاف الآثار وخلاف الجمهور وهو قول عند الفقهاء من أصحابه وغيرهم مهجور
واختلفوا في آخر وقت العصر فقال مالك آخر وقت العصر أن يكون ظل كل شي مثليه بعد القدر الذي زالت الشمس عليه
وهذا عندنا محمول من قوله على الاختيار وما دامت الشمس بيضاء نقية فهو وقت مختار أيضا لصلاة العصر عنده وعند سائر العلماء
وأجمع العلماء أن من صلى العصر والشمس بيضاء نقية لم تدخلها صفرة فقد صلاها في وقتها المختار وفي ذلك دليل على أن مراعاة المثلين عندهم استحباب
قال بن عبد الحكم عن مالك في آخر وقت العصر أن يكون ظل كل شيء مثليه بعد القدر الذي زالت عليه الشمس
الاستذكار ج:1 ص:26
وقال محمد ابنه القامتان في وقت العصر مذكورتان عن النبي - عليه السلام - وعن بعض الصحابة
قال وهو قول مالك وأصحابه وبه نأخذ
وفي المدونة قال بن القاسم لم يكن مالك يذكر القامتين في وقت العصر ولكنه كان يقول والشمس بيضاء نقية
وقال بن القاسم عن مالك آخر وقت العصر اصفرار الشمس
وقال بن وهب عن مالك الظهر والعصر آخر وقتهما غروب الشمس
وهذا كله لأهل الضرورات كالحائض والمغمى عليه ومن يعيد في الوقت
وقال الثوري إن صلاها ولم تتغير الشمس فقد أجزأه وأحب إلى أن يصليها إذا كان ظله مثله إلى أن يكون ظله مثليه
وقال الشافعي أول وقتها في الصيف إذا جاوز ظل كل شيء مثله بشيء ما كان ومن أخر العصر حتى يجاوز ظل كل شيء مثليه في الصيف أو قدر ذلك في الشتاء فقد فاته وقت الاختيار ولا يجوز أن يقال فاته وقت العصر مطلقا كما جاز على الذي أخر الظهر إلى أن جاوز ظل كل شيء مثله
¥