تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال وإنما قلت ذلك لحديث أبي هريرة عن النبي - عليه السلام - أنه قال من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر (1)

وحجة من ذهب إلى هذا المعنى الأحاديث في إمامة جبريل مع حديث العلاء عن أنس وحديث أبي هريرة هذا

وعلى هذا التأويل تستعمل الأحاديث كلها ومذهب مالك يدل أيضا على ذلك

وقال أبو يوسف ومحمد وقت العصر إذا كان ظل كل شيء قامته فيزيد على القامة إلى أن تتغير الشمس

وقال أبو ثور أول وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله بعد الزوال وزاد على الظل زيادة تتبين إلى أن تصفر الشمس

وقول أحمد بن حنبل آخر وقت العصر ما لم تصفر الشمس

وقال إسحاق بن راهويه آخر وقت العصر أن يدرك المصلي منها ركعة قبل الغروب

الاستذكار ج:1 ص:27

وهو قول داود لكل الناس معذور وغير معذور صاحب ضرورة وصاحب رفاهية إلا أن الأفضل غيره

وعند إسحاق بن راهويه أيضا أول الوقت

وقال الأوزاعي إن ركع ركعة قبل غروبها وركعة بعد غروبها فقد أدركها

وحجته حديث أبي هريرة عن النبي عليه السلام من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر (1)

واختلفوا في آخر وقت المغرب بعد إجماعهم على أن وقتها غروب الشمس

فالظاهر من قول مالك أن وقتها وقت واحد عند مغيب الشمس وبهذا تواترت الروايات عنه

إلا أنه قال في الموطأ فإذا غاب الشفق فقد خرج وقت المغرب ودخل وقت العشاء

وبهذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وبن حي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري كل هؤلاء يقولون آخر وقت المغرب مغيب الشفق والشفق عندهم الحمرة

وحجتهم في ذلك حديث أبي موسى الأشعري ومثله حديث بريدة الأسلمي أن رسول الله عليه السلام صلاها عند سؤال السائل عن مواقيت الصلوات فلم يرد عليه شيئا وأمر بلالا فأقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يعرف بعضهم بعضا ثم أمره فأقام الظهر حين زالت الشمس ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة ثم أمره فأقام المغرب حين وقعت الشمس ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول طلعت الشمس أو كادت ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من العصر ثم أخر العصر حتى خرج منها والقائل يقول احمرت الشمس ثم أخر المغرب حتى كان سقوط الشفق ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل ثم أصبح فدعا السائل فقال له الوقت فيما بين هذين (2)

وقد ذكرنا إسناد الحديث وحديث بريدة وغيرهما بهذا المعنى في التمهيد

قالوا وهذه الآثار أولى من آثار إمامة جبريل لأنها متأخرة بالمدينة وإمامة جبريل كانت بمكة والآخر من فعله أولى لأنه زيادة على الأولى

الاستذكار ج:1 ص:28

واحتجوا بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص وفيه ووقت المغرب ما لم يسقط الشفق (1)

وحديث أبي بصرة الغفاري أن رسول الله لما صلى العصر قال لا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد (2)

والشاهد النجم

وحديث عائشة وأنس بن مالك عن النبي عليه السلام إذا حضرت العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء (3)

وكل ذلك يدل على سعة الوقت وقد قرأ فيها بالطور وبالصافات والأعراف

وقد ذكرنا الآثار بها كلها في التمهيد

وقال الشافعي في وقت المغرب قولين

أحدهما أنه ممدود إلى مغيب الشفق كما نزع إليه مالك في ((الموطأ)) (4)

والآخر - وهو المشهور عنه - أن وقتها واحد لا وقت لها غيره في الاختيار وذلك حين تجب الشمس (5)

قال وذلك بين في إمامة جبريل

قال ولو جاز أن تقاس المواقيت لقيل لا تفوت حتى يدخل أول وقت العشاء قبل أن يصلي منها ركعة كما قال في العصر ولكن المواقيت لا تؤخذ قياسا

وقال الثوري وقت المغرب إذا غربت الشمس فإن حبسك عذر فأخرتها إلى أن يغيب الشفق في السفر فلا بأس بها وكانوا يكرهون تأخيرها

قال أبو عمر المشهور من مذهب مالك ما ذهب إليه الشافعي والثوري في وقت المغرب

الاستذكار ج:1 ص:29

والحجة لهم أن كل حديث ذكرناه في التمهيد في إمامة جبريل - على تواترها - لم تختلف في أن للمغرب وقتا واحدا

وقد روي مثل ذلك عن النبي - عليه السلام - من حديث أبي هريرة وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمرو بن العاص وكلهم صحبة بالمدينة وحكي عنه صلاته بها وأنه لم يصل المغرب في الوقتين لكن في وقت واحد وسائر الصلوات في وقتين

على أن مثل هذا يؤخذ عملا لأنه لا يغفل عنه ولا يجوز جهله ولا نسيانه

وقد حكى محمد بن خويز منداد البصري المالكي في كتابه في ((الخلاف)) أن الأمصار كلها بأسرها لم يزل المسلمون فيها على تعجيل المغرب والمبادرة إليها في حين غروب الشمس ولا نعلم أحدا من المسلمين آخر إقامة المغرب في مسجد جماعة عن وقت غروب الشمس

وفي هذا ما يكفي مع العمل بالمدينة في تعجيلها ولو كان وقتها واسعا لعلم المسلمون فيها كعملهم في العشاء الآخرة وسائر الصلوات من أذان واحد من المؤذنين بعد ذلك وغير ذلك مما يحملهم عليه اتساع الوقت

وفي هذا كله دليل على أن النبي - عليه السلام - لم يزل يصليها وقتا واحدا إلى أن مات عليه السلام

ولو وسع لهم لاتسعوا لأن شأن العلماء الأخذ بالتوسعة

وهذا كله على وقت الاختيار والترغيب في هذه الصلاة فالبدار إلى الوقت المختار

وقد زدنا هذا المعنى بيانا في ((التمهيد)) وذكرنا الآثار المسندة بهذا المعنى هناك أيضا والحمد لله

وأجمعوا على أن وقت العشاء الآخرة للمقيم مغيب الشفق الذي هو الحمرة هذا قول مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأكثر العلماء في الشفق

وقال أحمد بن حنبل أما في الحضر فأحب إلي ألا يصلي حتى يذهب البياض وأما في السفر فيجزئه أن يصلي إذا ذهبت الحمرة

واختلفوا في آخر وقتها فالمشهور من مذهب مالك في آخر وقت العشاء في السفر والحضر لغير أصحاب الضرورات ثلث الليل ويستحب لأهل مساجد الجماعات ألا يعجلوا بها في أول وقتها إذا كان ذلك غير مضر بالناس وتأخيرها قليلا أفضل عنده

الاستذكار ج:1 ص:30

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير