ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[23 - 09 - 03, 04:31 م]ـ
وقد روي عنه ما قدمناه أن أوائل الأوقات أحب إليه في كل صلاة إلا في الظهر في شدة الحر فإنها يبرد بها
وأما رواية بن وهب عن مالك قال وقتها من حين يغيب الشفق إلى أن يطلع الفجر - فإنما ذلك لمن له الاشتراك من أهل الضرورات
وقال أبو حنيفة وأصحابه المستحب في وقتها إلى ثلث الليل ويكره تأخيرها إلى بعد نصف الليل ولا تفوت إلا بطلوع الفجر
وقال الشافعي آخر وقتها أن يمضي ثلث الليل فإذا مضى ثلث الليل فلا أراها إلا فائتة يعني وقتها المختار لأنه ممن يقول بالاشتراك لأهل الضرورات
وقال أبو ثور وقتها من مغيب الشفق إلى ثلث الليل
وقال داود وقتها من مغيب الشفق إلى طلوع الفجر
قال أبو عمر في أحاديث إمامة جبريل من رواية بن عباس وجابر - ثلث الليل
وكذلك في حديث أبي موسى بالمدينة للسائل
وفي حديث أبي مسعود الأنصاري وحديث أبي هريرة - ساعة من الليل
وفي حديث عبد الله بن عمر ونصف الليل
وحديث علي مثله
وحديث بن عمر مثله
وكلها مسندة وقد ذكرتها في كتاب ((التمهيد)) بأسانيدها
وروى أبو سعيد الخدري وأبو هريرة عن النبي - عليه السلام - قال ((لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى نصف الليل)) (1)
وفي حديث أبي هريرة إلى ثلث الليل
وهذا يحتمل الوجهين لأنه يدل على أن الاختيار التعجيل خوف المشقة
الاستذكار ج:1 ص:31
وأجمعوا على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر وانصداعه (1) وهو البياض المعترض في الأفق الشرقي في آخر الليل وهو الفجر الثاني الذي ينتشر ويظهر وأن آخر وقتها طلوع الشمس
إلا أن بن القاسم روى عن مالك آخر وقتها الإسفار
وكذلك حكى عنه بن عبد الحكم أن آخر وقتها الإسفار الأعلى
وقال بن وهب آخر وقتها طلوع الشمس
وهو قول الثوري والجماعة إلا أن منهم من شرط إدراك ركعة منها قبل الطلوع على حسب ما مضى في العصر
قال الشافعي لا تفوت صلاة الصبح حتى تطلع الشمس قبل أن يدرك منها ركعة بسجودها فمن لم تكمل له ركعة قبل طلوع الشمس فقد فاتته
وهو قول أبي ثور وأحمد وإسحاق وداود والطبري وأبي عبيد
وأما أبو حنيفة وأصحابه فإنهم يفسدون صلاة من طلعت عليه الشمس وهو يصليها وسيأتي ذكر حجتهم والحجة عليهم في حديث زيد بن أسلم
وأما قول عروة ((ولقد حدثتني عائشة أن رسول الله كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر - فمعناه عندهم قبل أن يظهر الظل على الجدار يريد قبل أن يرتفع ظل حجرتها على جدرها
وكل شيء علا شيئا فقد ظهر عليه قال الله تعالى فما اسطاعوا أن يظهروه الكهف 97 أي يعلوا عليه
وقال النابغة الجعدي
(بلغنا السماء مجدنا وجدودنا
وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا (2))
أي مرتقى وعلوا
وقيل معناه أن يخرج الظل من قاعة حجرتها
وكل شيء خرج أيضا فقد ظهر والحجرة الدار وكل ما أحاط به حائط فهو حجرة
الاستذكار ج:1 ص:32
وفي الحديث دليل على قصر بنيانهم وحيطانهم لأن الحديث إنما قصد به تعجيل العصر وذلك إنما يكون مع قصر الحيطان
وإنما أراد عروة بذلك ليعلم عمر بن عبد العزيز عن عائشة أن النبي كان يصلي العصر قبل الوقت الذي أخرها إليه عمر
وقد ذكرنا في كتاب ((التمهيد)) عن الحسن البصري قال كنت أدخل بيوت أزواج النبي وأنا محتلم فأنال سقفها بيدي وذلك في خلافة عثمان
وقال الأوزاعي كان عمر بن عبد العزيز يصلي الظهر في الساعة الثامنة والعصر في الساعة العاشرة حين يدخل حدثني بذلك عاصم بن رجاء بن حيوة
قال أبو عمر هذه حاله إذ صار خليفة وحسبك به اجتهادا في خلافته
روى الليث بن سعد عن بن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت ((إن رسول الله كان يصلي العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها))
ورواه بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت ((كان رسول الله يصلي العصر والشمس في حجرتي بيضاء نقية لم يظهر الفيء بعد))
وفي رواية معمر لهذا الحديث عن بن شهاب قال قال عمر لعروة انظر ما تقول يا عروة أو أن جبريل هو سن وقت الصلاة فقال له عروة كذلك حدثني بشير بن أبي مسعود الأنصاري فما زال عمر يعتلم وقت الصلاة بعلامة حتى فارق الدنيا
وقد روي أنه ولى بعد الجمعة فأنكرت حاله في العصر
¥