وقد ذكرنا في ((التمهيد)) أيضا من أسند هذا الحديث عن مالك فقال فيه عن بن شهاب عن أنس بن مالك قال ((كنا نصلي مع رسول الله العصر ثم يذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيهم والشمس مرتفعة
ولم يختلف عن مالك أنه قال فيه إلى قباء ولم يتابعه أحد من أصحاب بن شهاب وسائر أصحاب بن شهاب يقولون فيه ثم يذهب الذاهب إلى العوالي وهو الصواب عند أهل الحديث والمعنى متقارب في ذلك والعوالي مختلفة المسافة فأقربها إلى المدينة ميلان وثلاثة وأبعدها ثمانية ونحوها
والمعنى الذي له أدخل مالك هذا الحديث في موطئه تعجيل العصر خلافا لأهل العراق الذين يقولون بتأخيرها فنقل ذلك خلفهم عن سلفهم بالبصرة والكوفة
قال الأعمش كان إبراهيم يؤخر العصر
وقال أبو قلابة إنما سميت العصر لتعتصر
وأما أهل الحجاز فعلى تعجيل العصر سلفهم وخلفهم
وقد ذكرنا الآثار عنهم بذلك في ((التمهيد))
وفي اختلاف أحوال أهل المدينة والعوالي في صلاة العصر ما يدل على سعة وقتها ما دامت الشمس بيضاء نقية
وقد أوردنا من الآثار عند ذكر هذا الحديث في ((التمهيد)) ما يوضح ذلك والحمد لله
1 (حديث ثامن)
10 - مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد أنه قال ما أدركت الناس إلا وهم يصلون الظهر بعشي
الاستذكار ج:1 ص:53
قال مالك يريد الإبراد بالظهر
قال وأهل الأهواء يصلون الظهر عند الزوال بخلاف ما حمل عمر الناس عليه
وذكر إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا بن أبي أويس قال قال مالك سمعت أن عمر بن الخطاب قال لأبي محذورة إنك بأرض حارة فأبرد ثم أبرد ثم ابرد ثم نادني وكأني عندك
وكان مالك يكره أن تصلي الظهر عند زوال الشمس ولكن بعد ذلك ويقول تلك صلاة الخوارج
قال أبو عمر الإبراد يكون في الحر وقد تقدم في معناه ما فيه كفاية وهذا كله استحباب واختيار والأصل في المواقيت ما ذكرناه في سائر هذا الباب والله الموفق سبحانه
1 (2 - باب وقت الجمعة)
11 - مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال كنت أرى طنفسه (1) لعقيل بن أبي طالب يوم الجمعة تطرح إلى جدار المسجد الغربي فإذا غشي الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب وصلى الجمعة قال مالك ((والد أبي سهيل)) ثم نرجع بعد صلاة الجمعة فنقيل قائلة الضحاء (2)
روى هذا الحديث عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه فقال فيه ((كان لعقيل طنفسه مما يلي الركن الغربي فإذا أدرك الظل الطنفسة خرج عمر بن الخطاب فصلى الجمعة ثم نرجع فنقيل
وروى حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عامر بن أبي عامر ((أن العباس كانت له طنفسه في أصل جدار المسجد عرضها ذراعان أو ذراعان وثلث وكان طول الجدار ستة عشر ذراعا فإذا نظر إلى الظل قد جاوز الطنفسه أذن المؤذن وإذا أذن نظرنا إلى الطنفسه فإذا الظل قد جاوزها))
قال أبو عمر جعل مالك الطنفسة لعقيل وجعلها محمد بن إسحاق للعباس والله أعلم
الاستذكار ج:1 ص:54
المعنى في طرح الطنفسة لعقيل عند الجدار الغربي من المسجد وكان يجلس عليها ويجتمع إليه وكان نسابة عالما بأيام الناس
وأدخل مالك هذا الخبر دليلا على أن عمر بن الخطاب لم يكن يصلي الجمعة إلا بعد الزوال وردا على من حكى عنه وعن أبي بكر أنهما كانا يصليان الجمعة قبل الزوال وإنكارا لقول من قال إنها صلاة عيد فلا بأس أن تصلى قبل الزوال
وقد ذكرنا في ((التمهيد)) الخبر عن أبي بكر وعمر أنهما كانا يصليان الجمعة قبل الزوال
وعن عبد الله بن مسعود أنه كان يصلي الجمعة ضحى
حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال ((كان عبد الله بن مسعود يصلي بنا الجمعة ضحى ويقول إنما عجلت بكم خشية الحر عليكم))
وحديث حميد عن أنس ((كنا نبكر الجمعة ونقيل بعدها))
وحديث سهل بن سعد ((كنا نبكر بالجمعة على عهد رسول الله ثم نرجع فنتغدى ونقيل))
وحديث جابر قال ((كنا نصلي الجمعة مع رسول الله ثم نرجع فنقيل))
وذكرنا علل هذه الأخبار وضعف أسانيد بعضها وأنه لم يأت من وجه يحتج به إلى ما يدفعها من الأصول المشهورة
¥