تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(4)

فهذه كلها فضائل خص بها رسول الله منها قوله ((جعلت لي الأرض مسجدا وتربتها طهورا))

وهذه الخصال رواية جماعة من الصحابة وبعضهم يذكر ما لم يذكره غيره وهي صحاح ورويت في آثار شتى

الاستذكار ج:1 ص:95

فلذلك قلنا إن قوله ((جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا)) ناسخ للصلاة في ذلك الوادي وغيره وفي كل موضع من الأرض طاهر

وقد ذكرنا في ((التمهيد)) اختلاف الفقهاء في الصلاة في المقبرة والحمام وأتينا بالحجة من طريق الآثار والاعتبار على من قال إنها مقبرة المشركين في باب ((مرسل زيد بن أسلم)) من ((التمهيد)) والحمد لله

ولما لم يجز أن يقال في نهيه عن الصلاة في المزبلة والمجزرة والمقبرة والحمام ومحجة الطريق ومعاطن الإبل (1) مزبلة كذا ولا مجزرة كذا ولا حمام كذا فكذلك لا يجوز أن يقال مقبرة كذا ولا أن يقال مقبرة المشركين فلا حجة ولا دليل

وأقام الدليل على أن مسجد رسول الله بناه في مقبرة المشركين

وقد أوضحنا هذا الحديث بما فيه كفاية في باب ((مرسل زيد بن أسلم)) من ((التمهيد))

وأما قوله في مرسل حديث زيد هنا ((ثم أمر بلالا أن يؤذن أو يقيم)) فهكذا رواه مالك على الشك

وقد مضى ما للعلماء من التنازع والأقوال في الأذان للفوائت من الصلوات في الحديث قبل هذا

ومضى المعنى في النفس والروح فلا معنى لإعادة ذلك هنا

وأما قوله ((فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها إذا ذكرها كما كان يصليها في وقتها)) فقد مضى ما لمالك وأصحابه والكوفيين في تأويل ذلك

وتقدم أيضا قولهم في استنباطهم من قوله عليه السلام ((فليصلها إذا ذكرها)) وجوب ترتيب الصلوات الفوائت إذا كانت صلاة يوم وليلة

وقول الشافعي ومن تابعة في إسقاط وجوب الترتيب في ذلك وتأويل الحديث عندهم وما ذهب إليه كل فريق منهم ووجوه أقوالهم وتلخيص مذاهبهم كل هذا في هذا الباب مجود والحمد لله فلا معنى لإعادة شيء من ذلك هنا والله الموفق للصواب

الاستذكار ج:1 ص:96

1 (7 - باب النهي عن الصلاة بالهاجرة (1))

25 - مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله قال ((إن شدة الحر من فيح جهنم (2) فإذا اشتد الحر فأبردوا (3) عن الصلاة)) (4)

وقال ((اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين (5) في كل عام نفس في الشتاء ونفس في الصيف

قال أبو عمر قد أسند مالك هذا الحديث بتمام معناه في الموطأ برواية له عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة وعن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي وفيه ألفاظ حديث زيد هذا كله ومعانيه (6) وأسنده أيضا مختصرا عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي (7)

وقد ذكرنا في ((التمهيد)) من رواه من التابعين عن أبي هريرة ومن رواه مع أبي هريرة عن النبي من الصحابة

وهو حديث عند أهل السنة والعلم بالحديث صحيح لا مقال فيه لأحد

وأما قوله ((إن شدة الحر من فيح جهنم)) فالفيح سطوع الحر في شدة القيظ كذلك قال صاحب العين وغيره من أهل العلم بلسان العرب

وأما إضافة ذلك إلى جهنم - أعاذنا الله منها - فمجاز لا حقيقة كما تقول العرب في الشمس إذا اشتد حرها هذه نار تريد كالنار

الاستذكار ج:1 ص:97

وكذلك يقال فلان نار يريد أنه يفعل كفعل النار مجازا واستعارة

ومعلوم أن نار جهنم تفضل نار بني آدم سبعين جزءا أو تسعة وستين جزءا

وفي هذا ما يوضح لك أن ذلك مجاز أو لغة معروفة في لسان العرب ومن قال قولهم ومنه أحرق الحزن قلبي وأحرق فلان فؤادي بقوله كذا ومن هذا المعنى قيل الحر من فيح جهنم والله أعلم

وأما قوله ((فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة)) فمعنى الإبراد بها تأخيرها عن أول وقتها حتى يزول سموم الهاجرة لأن الوقت فيه سعة - والحمد لله - على ما مضى في كتابنا هذا واضحا

واختلف العلماء في شيء من هذا المعنى فذكر إسماعيل بن إسحاق وأبو الفرج عمرو بن محمد أن مذهب مالك في الظهر وحدها أن يبرد بها وتؤخر في شدة الحر وسائر الصلوات تصلى في أوائل أوقاتها

قال أبو الفرج أختار لك لجميع الصلوات أول أوقاتها إلا الظهر في شدة الحر لقوله - عليه الصلاة والسلام - ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة))

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير