تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[[[إعلام]] مقتطفات مطولة من كتاب مفقود للإمام أبي إسحاق الشاطبي]

ـ[خلدون الجزائري]ــــــــ[08 - 07 - 08, 04:40 م]ـ

[إعلام]

فيما يلي مقتطفات مطولة من كتاب مفقود للإمام أبي إسحاق الشاطبي، نقلها الونشريسي في كتابه المعيار، وهذا الإعلام أو التنبيه موثق في أحد الأبحاث منذ أكثر من سنتين، وهو فائدة للباحثين والمهتمين بفقه الشاطبي وتراثه، ولا أعلم أحدا ممن ترجم للإمام الشاطبي أو كتب عنه وعن مؤلفاته أشار أو نبه إلى هذا الكتاب أو مقتطفاته. ويذكرون أن للشاطبي كتابا غير "الموافقات" و"الاعتصام" وهو كتاب "المجالس" شرح فيه كتاب البيوع من صحيح البخاري؛ ويبعد جدا أن تكون هاته النقولات من الكتاب المذكور لتباعد موضوعي الكتابين؛ إذن فهو كتاب رابع

وممكن جدا أن يكون هذا الكتاب المفقود من بين المخطوطات المتناثرة في خزانات المغرب لتأخر عهد الونشريسي فقد توفي سنة 914هـ /1508م، وعدم التعرض للتراث المخطوط في المغرب.

وتقع هاته النقولات في ثمان صفحات تقريبا، وسأبدأ بنقلها كاملة:

قال الونشريسي: ولتلحق بهذا المحل فصولا حسانا من كلام الشيخ أبي إسحاق الشاطبي رحمه الله على الشهادة وما يرجع إليها وإن كان محلها ما تقدم،

فقال رحمه الله:

العدالة: الاستواء والاستقامة على الجملة، وفي الشرع الاستقامة في الأحوال الدينية والدنيوية، ففي الدينية هي التقوى بحسب الاستطاعة في مجاري العادات، والدنيوية هي المروءة وهي التلبس بالخصال التي تليق بمحاسن العادات واجتناب ما لا يليق، وبذلك سمي الإنسان مَرءاً أو امرءاً أي عاقلاً، وخلافها لا يتصف بها إلا الحمقى. كما أن خلاف التقوى لا يتصف بها إلا الفساق والمجرمون. ولما كانت المروءة أيضا داخلة تحت خطاب الشارع فللمقتص [المقتصر] أن يقول: إن العدالة هي الاستقامة في الأحوال الدينية لأن الاتصاف بالمروءة مطلوب في الشرع، كما أن الاتصاف بخلافها منهي عنه؛ وإن ظهر ببادئ الرأي أنه مباح، كما قالوا في الأكل في الأسواق لمن لا يليق به ذلك والاجتماع مع الأراذل والتحرف بالحرف الدينية التي لا تليق بمنصب المتلبس بها ولا ضرورة تدعو إلى ذلك. فهذا وإن قيل إنه مباح في الأصل فالتحقيق أنه منهي عنه إما كراهية أو منعًا بحسب حال المتصف والمتصف به وقت الاتصاف إلى غير ذلك مما يلاحظه المجتهد.

وقد حصل من مضمون هذه الجملة أن العدل لا يكون إلا مسلمًا مكلفا جايرا على مقتضى السنة، فالكافر والصبي والمجنون لا يتصفون بعدالة، وكذلك المبتدع لأنه إما متأول أو غير متأول، فغير المتأول ظاهر، والمتأول إن قيل بتكفيره ببدعته فكذلك، وإن لم نقل به فقبول شهادته بنصبه في منصب العدول ينافي التنديد به والتقبيح لمنتحله. انتهى

وقال أيضا: العدالة بحسب اتصاف الناس بها ثلاثة أقسام، قسم ظهر فيه بالخبرة وجودها، وقسم ظهر فيه بالخبرة عدمها، ولا إشكال فيهما. والثالث: لم يطهر فيه زائد على مجرد الإسلام ففيه نظر، وربما نقل فيه خلاف: هل يحمل على القسم الأول أو الثاني، والتحقيق أن ينظر إلى الغالب من أحوال الناس في كل زمان، فمتى كان الغالب العدالة ألحق هذا المجهول بقسم العدول، ولذلك اتفق المحدثون على ترك البحث على أحوال الصحابة رضي الله عنهم كما بحثوا عمن عداهم فعدلوا وجرحوا لأن قرن الصحابة غلب فيه الدالة فأجروا الحكم في [بياض] وقبلوا الحديث على كل من ثبتت له صحبة. ومتى كانت الغاالب خلاف ذلك ألحق المجهول بقسم من ثبت جرحه حتى تتبين عدالته كزماننا وما قبله. ومتى أشكل الأمر فهو محل خلاف العلماء، وذلك قرن التابعين وما قرب منه، فكأن أبا حنيفة رأى أن الغالب أيضا العدالة فألحق المجهول بالعدول، ورأى غيره خلاف ذلك لا سيما وقد جاء في الموصلة ما يقتضيه، حتى قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لما أخبر أن شهادة الزور فشت: والله لا يرشد [لا يوصف] أحد في الإسلام بغير العدول، والظواهر تقتضي في الشهادات أنه لابد من ثبوت العدالة لقوله تعالى (وأشهدوا ذوي عدل منكم) وقوله: (ممن ترضون من الشهداء) في آي جملة لا يتناول ظاهرها المجهول الحال. وكذلك جميع ما تشترط فيه وهو المذهب. انتهى.

وقال أيضا: العدالة معتبرة في كل زمان بأهله وإن اختلفوا في وجه الاتصاف بها، فنحن نقطع بأن عدالة الصحابة لا تساويها عدالة التابعين، وعدالة التابعين لا تساويها عدالة من بعدهم، وكذلك كل زمان مع ما بعده إلى زماننا هذا. فلو قيس عدول زماننا بعدول الصحابة والتابعين لم يعدوا عدولا لتباين ما بينهم في الاتصاف بالتقوى والمروءة، لكن لابد من اعتبار عدول كل زمان بحسبه، وإلا لم تكن إقامة ولاية يشترط فيها العدالة؛ بل لو فرض زمان خال من العدول جملة لم يكن بد من إقامة الأشبه فهو العدل في ذلك الزمان، إذ ليس بجار على قواعد الشرع تعطيل المراتب الدينية لإفضائه إلى مفاسد عامة يتسع خرقها على الراقع ولم شعثها (كذا)، وهذا الأصل مستمد من قاعدة المصالح المرسلة. انتهى

[هنا الظاهر كلام مدرج لغير الشاطبي] قيل: ومثل ظرف الزمان في المسامحة في عدالة من اشتمل عليه من الشهداء هو ظرف المكان، فليس العدول في الحواضر الآهلة بمن للاختيار فيهم مجال من يعتمد عليه في هذا المقام كالعدول في البوادي الذين يضطرونهم إلى شيخ الموضع ووزيره. وفي طرر ابن عات ما يشهد لذلك فانظره هناك. [انتهى الكلام المدرج لغير الشاطبي]

وقال أيضا من

فصل: العدالة مشترطة في الولايات الدينية والدنيوية، إذ لا تقوم مصالح الولايات على التمام إلا بها، ودليله الاستقراء في الواقع، ولذلك اتفق المسلمون عليها في الجملة، فتشترط في الخلافة والوزارة والعرافة والحكومة على اختلافها، كما تشترط في الولاية والشهادة والفتيا والإمامة وأشباهها، لكن ليس كل عدل يصلح لكل ولاية تشترط فيها العدالة، إذ لاتقوم مصالحها بذلك في مجاري العادات دون أن ينضاف لإليها أمور تستنهض بها تلك المصالح ...

[يتبع] سأنقل ما تبقى بعد قليل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير