تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

منها: إن منعت الشهادة له لأجل التهمة لم تمنع شهادته عليه لارتفاعها وبالعكس، فإن تعارضا كشهادة الأب لأحد بنيه على الآخر والولد لأحد أبويه على الآخر ففيها نظر واحتمال.

ومنها: أن التهمة إذا لحقت من غير واسطة، فهل تلحق مع وجود الواسطة أم لا؟ ولا شك في ضعفها عن الأصل، ولكن قد تساويها كشهادة العدو على ابن عدوه بما يلحق العدو به معرة، وقد تنحط عنها وهو الأكثر بحيث يتفق على اعتبار التهمة في الأصل، وقد يقع الخلاف فيها في الفرع أو يتفق على عدم اعتبارها. وحيث يختلف في الأصل فينبغي أن لا يختلف في الفرع إلا أن ينشأ هناك تهمة أخرى.

ومنها: أن التهمة ينبغي أن تعمل حتى تقوى فإنها قد تكون ضعيفة في مجاري العادة فلا تقاوم ما ثبت من العدالة، وقد تكون قوية فتربى على مقتضى العدالة، وقد يتساويان في نظر المجتهد فيكون محل اشتباه.

ومنها: أن من ردت شهادته بتهمة فلا ترتفع إلا بظهور ارتفاع شهادته بدعوى الارتفاع، والناس في ذلك مختلفون وقرائن الأحوال شاهدة، وقد يظهر ذلك عن قرب أو عن بعد بخلاف الأحوال، ولا فرق في هذا بين زوال العداوة والزوجية أو الصداقة وبين زوال الفسق.

ومنها: أن الشهادة في هذا الحكم يجريها مجرى التعديل والتجريح، فإن تعديل الأب لابنه وتجريح العدو لعدوه متهم، وكل ذلك شهادة أو جار في هذا الحكم مجرى الشهادة.

ومنها: أن التهم على ضربين:

ضرب لا يختلف الأمر فيه بحسب كل زمان، فالعادة بالتهمة فيه مطردة، فالاقتصار فيه على النقل للمقلد قد يكفي كشهادة الخصم والابن والأب.

وضرب قد يختلف باختلاف الأزمنة والأحوال فلابد فيه من مراعاة العوائد بحسب كل زمان وكل حال، فلذلك يتهم الأب في شهادته على ابنه العاق لابنه البار، ولا يتهم في العكس، فلابد من اعتبار هذه الموانع، ولا يكفي فيها النقل لإمكان اختلاف العادات.

ومنها: أنه إذا اجتمع في الشهادة الواحدة ما لا يتهم فيه وما يتهم، فالاحتمال فيهما يقتضي وجهين: أحدهما: انسحاب التهمة على الجميع، والآخر إعمالها في محلها خاصة، والتفرقة بين اليسير والكثير فيكون اليسير تبعًا استحسانًا. والجاري على النظر المذهبي انسحاب حكم التهمة لعدم الانفكاك، وليلاَّ تكون شهادته للغير ذريعة لسماع شهادته نفسه.

ومنها: أن الذي ينبغي أن يعقد في شهادة العدل بالتهمة أنه لم يقصد إلى الزور والكذب، إذ ليس الغالب فيمن ثبتت عدالته ذلك، وإنما ذلك فيه نادر، ولو كان ذلك لأدى إلى إسقاط العدالة جملة، لأنه لو ثبت عادة أن كل عدل يكذب في كل ما يتهم عنده قصدًا لثبت أنه يكذب في بعض الأحوال قصدًا في مقاطع الحقوق، وكل من هذا وصفه شاهد زور بلا ريب؛ وإنما الذي ينبغي اعتقاده فيه أنه يتأول وينجاوز ولا يستقصي ولا يتثبت بل يعطى له الحرص في طلب النفع أو دفع الضرر على أشياء يؤتى عليه بسببها حتى لا ينظر فيها أو ينظر تظر بادي الرأي، والطبع يصرفه عن التأني والتثبت فيؤدي ذلك إلى نقض وهذا في الشهادة.

ولذلك يقول الفقهاء إنه لابد في نقل الشهادة من أن يقول شهود الأصل: اشهد على شهادتنا أو هذه شهادتنا فاشْهَدْ بها أو انقلها عنا ونحو ذلك مما تقتضي العادة أنه لا يتساهل فيه، فإن لم يكن ذلك لم يصح، قالوا: لأن الإنسان يسترسل طبعًا فيما يحكيه عن غيره ولو كان ورعًا حتى إذا طلب بالشهادة بما حدث به عاد إلى تأمله ومزق ما كان يعقد صدقه، غير أنه لم يبلغ مبلغًا يبيح به الفروج والأموال، وهو هو معلوم من جهة العادة فكذلك قد يحمله حب الاقتصار على التساهل فيما يعتقد صدقه في الجملة فلا يتأمله ولا ينظر فيه.

ومن هنا أيضا تعرف وجه الحكمة في منع الحكم للقريب الذي يتهم في الشهادة له، وعلى العدو الذي يتهم في الشهادة عليه. وكذلك فتوى المفتي فيما لا تجوز شهادته فيه، كل من باب واحد لا أنه يحمل على قصد التحريف والكذب ..

فليكن منك هذا الموضع على بال، وهو أصل في منع أحد المذاهب من مضايقات الأبحاث في المناظرات كمسألة الأشعري في إلزامه القول بالتكليف بالمحال، ومسألة أشهب في إبدال الدرهم بالدرهمين وأشباه ذلك." انتهى نقل الونشريسي

[هنا ينتهي نقل الونشريسي للنصوص السابقة من كلام الإمام أبي إسحاق الشاطبي، وهو ما أرجح أنه جزء من كتاب مفقود له، لم يسبق ذكره ممن ترجم أو كتب عنه.]

هاته النصوص والمقتطفات وردت في الجزء العاشر (ج10) من كتاب المعيار للونشريسي، طبعة دار الغرب الإسلامي، بدءً من ص202 إلى ص210.

ـ[خلدون الجزائري]ــــــــ[10 - 07 - 08, 02:39 م]ـ

كامل المقتطقات على ملف وورد في المرفقات.

ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[29 - 09 - 09, 01:19 ص]ـ

بارك الله فيك اخي خلدون

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير