تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثالثة: التصريح نفي الحرج أي أن يسأل النبي ? عن شيء فيقول في جوابه (لا حرج) فنفي الحرج دليل الحل، ففي الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها أن هنداً امرأة أبي سفيان رضي الله عنهما جاءت إلى النبي ? فقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل ممسك فهل علي من حرج أن أنفق على عياله من ماله بغير إذنه؟ فقال النبي ?» لا حرج عليك أن تنفقي عليهم بالمعروف «واللفظ لأبي داود وقال البخاري في صحيحه: حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا وهيب قال حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ? له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال» لا حرج «وقال أيضاً: حدثنا علي بن عبدالله قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا خالد بن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي ? يسأل يوم النحر بمنى فيقول:» لا حرج «فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح قال» اذبح ولا حرج «وقال: رميت بعدما أمسيت فقال» لا حرج «وقال أيضاً: حدثنا عبدالله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله ? وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه فقال رجل: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح قال» اذبح ولا حرج «فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، قال» ارم ولا حرج «فما سئل يومئذٍ عن شيءٍ قدم ولا أخر إلا قال» افعل ولا حرج «ومن ذلك أيضاً قوله تعالى ?لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً? فكل هذه الأشياء حلال مباحة لأنه قيل فيها (لا حرج) والله ربنا أعلى وأعلم.

الرابعة: مما يعرف به المباح نفي الجناح، أي أن يصرح النص بنفي الجناح، فإذا قيل في شيء لا جناح فيه فهو دليل على إباحته وحله، كما قال تعالى في الآية السابقة ?لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً? وقال تعالى ?لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً? فكل هؤلاء يجوز للمرأة أن تكشف عنهن، فالكشف عن هؤلاء حلال لأنه قيل فيه (لا جناح) وقوله تعالى ?وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ... الآية? وهذا دليل على أنه يجوز التعريض بخطبة المرأة المطلقة حال عدتها، ودليل جوازه أنه نفى الجناح بقوله (لا جناح) وأما التصريح بالخطبة حال العدة فإنه حرام الحرمة المؤكدة، وقال تعالى ?فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ? وهذا دليل على جواز دفع مال الخلع وأخذه إذا خافت المرأة أن لا تقيم حدود الله في حياتها الزوجية بسبب كراهتها لزوجها، أي إذا كانت الحاجة للفرقة قائمة من قبل المرأة فلها أن تخلع نفسها من زوجها بالمال، فالخلع مع قيام الحاجة الملحة جائز لأن الله تعالى قال فيه (لا جناح) وهذه صيغة من صيغ الإباحة. وقال تعالى ?لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ? وهذا من الأدلة الدالة على حل سائر المطعومات والمشروبات لمن هذه صفاته، ومن المعلوم أن هذه الصفات تقضي قضاءً لازماً على صاحبها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير