وقال: «فإنَّ هؤلاء إذا دعوا إلى ما أنزل الله من الكتاب وإلى الرسول @ – والدعاء إليه بعد وفاته هو الدعاء إلى سنته – أعرضوا عن ذلك وهم يقولون: إنا قصدنا الإحسان علما وعملا بهذه الطريق التي سلكناها والتوفيق بين الدلائل العقلية والنقلية» ().
وقال: «فوصف سبحانه من دعى إلى الكتاب والسنة فأعرض عن ذلك بالنفاق، وإن زعم أنه يريد التوفيق بذلك بين الدلائل العقلية والنقلية أو نحو ذلك، وأنه يريد إحسان العلم أو العمل» ().
وقال ابنُ القيم: «هذه القواعد الفاسدة هي التي حملتهم على تلك التأويلات الباطلة لأنهم رأوها لا تلائم نصوص الوحي بل بينها وبينها الحرب العوان، فأجهدوا أنفسهم وكدوا خواطرهم في الصلح، وزعموا أن ذلك إحسان وتوفيق، وكأن الله سبحانه أنزل هذه الآيات في شأنهم ? ?????? ???? ????? ????????? ??????????? ???????? ?????????? ?????? ??????? ???????? ? [النساء:60] – إلى قوله – ? ???? ?????????? ???? ?????????? ???????????? ? [النساء:62]» ().
وربما تلتبس هذه الدعوات على بعض الناس فينساق خلفها فيضل ويُضِل قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولا ريب أن كثيرا من هؤلاء قد لا يعلم أنه منافق بل يكون معه أصل الإيمان لكن يلتبس عليه أمر المنافقين حتى يصير لهم من السماعين قال تعالى: ? ???? ????????? ?????? ?•? ?????????? ???? ??????? ???????????? ??????????? ????????????? ???????????? ????????? ?????????? ?????? ? ? [التوبة:47]، ومن المعلوم أنَّ كلامَ أهل الإفك في عائشة كان مبدأه من المنافقين وتلطخ به طائفة من المؤمنين، وهكذا كثير من البدع كالرفض والتجهم مبدؤها من المنافقين وتلوث ببعضها كثير من المؤمنين لكن كان فيهم من نقض الإيمان بقدر ما شاركوا فيه أهل النفاق والبهتان» ().
ومن العجيب أنّ كلاً يدعي الوسطية لنفسه:
– فالخارجي يدعي أنّ مذهب الخوارج "وَسَطَ".
– والمرجئ يدعي أنّ مذهب المرجئة "وَسَطَ".
– والعقلاني يدعي أنّ منهجه "وَسَطَ".
– والمفرط يدعي أنّ منهجه "وَسَطَ".
– وربما العلماني – وغيره – يدعي أنّ منهجه "وَسَطَ"!!.
– والوسطية لا تعرف بمجرد الدعوى، وإنما تعرف بالدلائل والبينات.
– والدعاوى ما لم يقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء
وإنمّا تعرف الوسطية الحقة بطاعة الله ورسوله، والتسليم لهما ظاهراً وباطناً قال تعالى: ? ???? ????????? ?? ??????????? ?????? ???????????? ?????? ?????? ?????????? ???? ?? ????????? ???? ??????????? ??????? ?????? ???????? ?????????????? ?????????? ???? ? [النساء:65].
??????
(4)
الدَّاعِيَة البَصِير ..
يحذر أشدَّ الحذر من تصنيف الناس بالظنّ
وهذا مرض من الأمراض التي سرت في جسد أمتنا، وأبتلي به عدد من الدعاة والمنتسبين للصلاح، وقد عُني العلاّمة بكرُ بن عبدالله أبو زيد ببيان هذه المسألة في عدد من كتبه؛ ومن أبرزها كتاب"تصنيف الناس بين الظن واليقين" ().
ومما قال في كتابه هذا (): «ولا يلتبس هذا الأصل الإسلامي بما تراه مَعَ بَلَجِ الصُّبْح، وفي غَسَق الليل من ظهور ضمير أسود، وافد من كل فَجّ استعبد نفوساً بضراوة، أراه: "تصنيف الناس" وظاهرةٌ عجيب نفوذها هي: "رَمْزُ الجراحين" أو "مرض التشكيك وعدم الثقة" حَمَلَهُ فِئامٌ غِلاَظٌ من الناس يعبدون الله عَلَى حرفٍ، فألقوا جِلْباب الحياء، وشغلوا به أغراراً التبس عليهم الأمر فَضَلُّوا، وَأَضَلُّوا، فلبس الجميع أثوابَ الجرح والتعديل، وتدثروا بشهوة التجريح، ونسج الأحاديث، والتعلق بخيوط الأوهام، فبهذه الوسائل ركبوا ثَبَجَ التصنيف للآخرين؛ للتشهير، والتنفير، والصدِّ عن سواء السبيل.
ومن هذا المنطلق الواهي، غَمَسُوا ألسنتهم في رُكَام من الأوهام والآثام، ثم بسطوها بإصدار الأحكام عليهم، والتشكيك فيهم، وخدشهم، وإلصاق التهم بهم، وطمس محاسنهم، والتشهير بهم، وتوزيعهم أشتاتا وعزين:
في عقائدهم، وسلوكهم، ودواخل أعمالهم، وخلجات قلوبهم، وتفسير مقاصدهم، ونياتهم .. كل ذلك، وأضعاف ذلك مما هنالك من الويلات، يجري على طَرَفي التصنيف: الديني، واللاديني.
فترى وتسمع رمي ذاك، أو هذا بأنه: خارجي. معتزلي. أشعري. طرقي. إخواني. تبليغي. مقلد متعصب. متطرف. متزمت. رجعي. أصولي.
وفي السلوك: مداهن. مراء. من علماء السلطان. من علماء الوضوء والغسل.
¥