وقد فسر النبي @ الوسطَ بالعدل كما في الحديثِ الذي أخرجه البخاريّ في صحيحه عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً ().
وقال ابن كثير: «ولمّا جعل الله هذه الأمة وَسَطاً خصها بأكمل الشرائع، وأقوم المناهج، وأوضح المذاهب كما قال تعالى: ? ???? ????????????? ????? ?????? ?????????? ??? ????????? ???? ?????? ? ??????? ????????? ?????•?????? ? ???? ????????? ??????????????? ??? ?????? ????? ?????? ????????? ?????????? ???????? ?????????? ???????????? ?????????? ????? ?•?•???? ? ? [الحج:78]» ().
فتبين أنّ الوسطية والتوسط في الدين هي: كل حق بين باطلين من الاعتقادات والأعمال والأخلاق.
فمن سلم لله ولرسوله @، وعَمِلَ بما ورد في القرآن وصح عن رسول الله @ من العقائد والشرائع فهو من أهل هذه الوسيطة والاعتدال والخير، وكلّ من تعدى حدود الشرع أو قصر عن القيام بها فقد خرج عن دائرة الوسطية بحسب عدوانه أو تقصيره.
قال ابنُ القيم: «فدين الله بين الغالي فيه والجافي عنه، وخيرُ النَّاسِ النمط الأوسط الذين ارتفعوا عن تقصير المفرطين ولم يلحقوا بغلو المعتدين، وقد جعل الله سبحانه هذه الأمة وسطا وهي الخيار العدل، لتوسطها بين الطرفين المذمومين، والعدل هو الوسط بين طرفى الجور، والتفريط والآفات إنما تتطرق إلى الأطراف والأوساط محمية بأطرافها فخيار الأمور أوساطها» ().
ومما ينبغي التفطن له خطأ ما انتشر في الكتابات المعاصرة من جعل "الوسطية" حالة تقوم على التوفيق بين السنة والبدعة، بل بين الكفر والإسلام كما في دعوتي التقريب بين السنة والشيعة، والنصرانية والإسلام التي هي فرع عن الدعوة لوحدة الأديان.
ومن هذه الوسطية الترخصات المذمومة التي أساسها اتباع الهوى بتتبع الأقاويل الشاذة والمخالفة للدليل، والتي قال فيها بعض العلماء: «من تتبع الرخص تزندق».
ومن أصحاب هذه الوسطية بعض المواقع والصحف التي تعطي الفرصة – باسم الحوار والمحايدة – لذوي الأقلام المسمومة والأفكار المشبوهة لينفثوا سمومهم وأفكارهم.
ومعلومٌ أنه ليس من أسس الدعوة إلى الله ومطالبها استدعاء الشبهات ونشرها بحجة الردّ عليها، بل المطلوب في الدعوة إلى الله – وهو نوعٌ من الجهاد – كشف شبهات المبطلين من الكافرين والمبتدعين، ونشر ذلك إذا ظهرت المصلحة.
ودعوى التوفيق منهجٌ قديم سلكه المنافقون أوَّلاً كما قال تعالى: ? ??????? ????? ?????? ??????????? ?????? ???? ??????? ???? ??????? ?????????? ???????? ???????????????? ????????? ????? ???????? ???? ???????? ?????? ???????????? ????????? ????? ???????? ??????????? ???? ????????? ??????????? ?????? ???? ?????????? ???? ?????????? ???????????? ???? ? [النساء:61 – 62]، وَدَرَجَ على طريقتهم طوائف من المبتدعة، والمتفلسفة، والجهلة.
قال ابنُ أبي العزّ: «أخبر أنّ المنافقين يريدون أن يتحاكموا إلى غيره وأنهم إذا دعوا إلى الله والرسول وهو الدعاء إلى كتاب الله وسنة رسوله صدوا صدودا، وأنهم يزعمون أنهم إنما أرادوا إحساناً وتوفيقاً كما يقوله كثير من المتكلمة والمتفلسفة وغيرهم إنما نريد أن نحسن الأشياء بحقيقتها أي ندركها ونعرفها ونريد التوفيق بين الدلائل التي يسمونها العقليات، وهى في الحقيقة جهليات وبين الدلائل النقلية المنقولة عن الرسول، أو نريد التوفيق بين الشريعة والفلسفة وكما يقوله كثير من المبتدعة من المتنسكة والمتصوفة إنما نريد الأعمال بالعمل الحسن والتوفيق بين الشريعة وبين ما يدعونه من الباطل الذي يسمونه حقائق وهى جهل وضلال وكما يقوله كثير من المتملكة والمتأثرة إنما نريد الإحسان بالسياسة الحسنة والتوفيق بينها وبين الشريعة ونحو ذلك، فكل من طلب أن يحكم في شئ من أمر الدين غير ما جاء به الرسول ويظن أن ذلك حسن وأن ذلك جمع بين ما جاء به الرسول وبين ما يخالفه فله نصيب من ذلك بل ما جاء به الرسول كاف كامل يدخل فيه كل حق» ().
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وفي هذه الآيات أنواع من العبر الدالة على ضلال من تحاكم إلى غير الكتاب والسنة وعلى نفاقه وإن زعم أنه يريد التوفيق بين الأدلة الشرعية وبين ما يسميه هو عقليات من الأمور المأخوذة عن بعض الطواغيت من المشركين وأهل الكتاب وغير ذلك من أنواع الاعتبار» ().
¥