تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم يبلغ حب الكتب في بلد آخر من العالم ما بلغه ببلاد الإسلام، فهل أنتَ منهم؟ كيف حبك لها؟

ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 11:28 ص]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.

تعد المكتبات في الحضارة الإسلامية من أهم المؤسسات الثقافية التي عني بها المسلمون، وكان لها دور كبير في الحياة الثقافية والعلمية بين المسلمين وفي العالم.

لقد استوعب المسلمون الإنتاج المعرفي الذي قدمته الحضارات التي سادت قبلهم كاليونان، والفرس، والهند، والصين، ومصر، والعراق، وترجموا إلى اللغة العربية جزءاً كبيراً من تراث الأمم من يونان وأقباط وهنود وسريان وكلدان، وفرس، وقد يصح القول إن الحضارة الإسلامية حضارة كتب ومكتبات.

إن الإسلام يحض على العلم ويعتبره فريضة على كل مسلم، وقد ابتدأ القرآن الكريم نزوله بالآيات "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم" وكانت الآية التالية "ن والقلم وما يسطرون" وقوله تعالى: "إنما يخشى الله من عباده العلماء" وقوله أيضاً: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات".

وقد أحب المسلمون الكتب حباً ملك عليهم مشاعرهم وذكر ول ديورانت في كتابه (قصة الحضارة) " لم يبلغ حب الكتب في بلد آخر من العالم إلا في بلاد الصين في عهد منج هوانج ما بلغه في بلاد الإسلام في القرون الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر".

بدأت الحركة العلمية في القرن الأول الهجري، بجمع القرآن الكريم ونسخه، وجمع الحديث الشريف وتدوينه، والترجمة إلى العربية عن اليونانية والفارسية والهندية وغيرها من اللغات، والدراسات الفقهية، والأشعار والأنساب، وتسجيل السيرة النبوية والمغازي، وظهرت المكتبات الخاصة، وتأسست أول مكتبة أكاديمية على يد خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. وتطورت المكتبات ونضجت وازدهرت في القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) وبلغت ذروتها في القرن الرابع. وشهد القرن الثاني الهجري تطوير أو اختراع الورق الذي نقل الحركة العلمية نقلة مهمة وبعيدة فازدهرت صناعة النشر (الوراقة).

وبنيت في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد مكتبة بيت الحكمة التي كانت مركزاً مهماً لترجمة الكتب التي جمعها المسلمون من خزائن الكتب في مختلف أرجاء العالم – وكانت مكتبة بيت الحكمة مقسمة ومنظمة حسب الموضوعات واللغات، ويشرف على كل قسم فيها علماء مختصون في مجالهم ذكر منهم يوحنا بن ماسوية السرياني الذي كان يترجم عن اليونانية والفضل بن بوبخت الذي كان يترجم عن الفارسية، وكان المأمون يرسل العلماء المتخصصين للبحث عن الكتب وجمعها من مصادرها حيث كانت مكدسة في خزائن الكتب في الأديرة والمباني المختلفة في مدن كانت مهمة مثل عمورية وقبرص، واجتمع في بيت الحكمة عدد كبير من العلماء والباحثين ذكر منهم حنين بن اسحق، وأبناء شاكر، والخوارزمي، وسهل بن هارون، وسعيد بن هارون.

وكان يعمل في المكتبة أيضاً فريق من الفنيين كالناسخين والمجلدين والنقلة والملازمين والبوابين. وعرفت أيضاً مكتبات المساجد والمكتبات الخاصة والمكتبات العلمية والبحثية ومكتبات الخلافة ومكتبات المشافي. وكان المسجد مركزاً للعلم والدراسة إضافة إلى العبادة وذلك حتى زمن قريب ومازال بعضها كذلك حتى الآن في أنحاء كثيرة من العالم الإسلامي وأماكن تجمع المسلمين، واشتهرت مساجد كثيرة باعتبارها مراكز للعلم والفقه والبحث كالمسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس، والمسجد الأموي في دمشق، وجامع الأزهر في القاهرة، ومسجد الزيتونة في تونس، ومسجد قرطبة، وجامع المنصور في بغداد، وكانت مكتبات هذه المساجد عامرة بالكتب التي تشمل معظم أنواع المعرفة. ويعد جامع الأزهر أقدم جامعة في العالم مازالت قائمة منذ أكثر من ألف سنة وتعمل على نحو متواصل.

وذكر ياقوت الحموي أنه كان يوجد في أيامه في مدينة مرو خزانتان للكتب في جامع المدينة، إحداهما يقال لها العزيزية وكان فيها اثنا عشر ألف مجلد، والأخرى يقال لها الكمالية. وكان من عادة العلماء والمحسنين وكثير من الناس أن يوقفوا الكتب في حياتهم، أو بعد مماتهم في المساجد لتوضع تحت تصرف طلبة العلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير