تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

منقول من موقع الدكتور محمد السيد الدغي ( http://dr-mahmoud.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=189&Itemid=40) م:

الرياضيات الإسلامية والفلك بين الاهتمام العالمي والإهمال العربي

لعل أغرب ما في العرب المعاصرين هو كثرة الكلام الشفوي، وتجنب التطبيق العملي، ومنذ قرون والعرب مستقيلون تماما، ومتكلون على الله الذي يرزقهم دون أن يبذلوا جهداً مثمرا، ولعل بؤساء الأمة هم العلماء والمثقفون والباحثون عن الحقائق، والغريبُ، الغريب!! هو إهمال العرب لتراثهم، وجهلهم به، واهتمام الآخرين بهذا التراث.

وسبب تناولي لهذا الأمر هو اطلاعي منذ ربع قرن على مسيرة تاريخ العلوم، وعندما أُدقِّقُ ببحث باحثٍ عن العلوم باللغة العربية أجده قد تُرجم من لغةٍ ما من اللغات الأجنبية، ولم يتورع المترجم عن نسبة البحث لنفسه مُتكلاً على جهل أبناء الأمة باللغات الأجنبية، وكسلهم عن البحث المقارن، وفي بعض الأحيان أجد الباحث قد اعتمد مصادر ومراجع من لغة يجهلها جهلاً تاماًّ، وجلّ اعتماده على فهارس الذين بحثوا في تلك اللغة التي يجهلها، ولكنه ينسب لنفسه جهود الآخرين.

والإهمال العربي العتيد واسع يشمل بلداننا من الخليج إلى المحيط إذ أن لدينا اتحادات كتاب، واتحادات صحفيين، وزارات ثقافة، ودوائر ودور ثقافة ومراكز ثقافية، ووزارات إعلام، وتربية وتعليم عالي وواطي، ومراكز بحوث علمية حكومية وخاصة، وهنالك مؤسسات داخل البلاد العربية وخارجها، ولها مجالس خبراء، ومافيات وميليشيات شعارها الدائم: نفعني لأنفعك، وذلك جرياً على قول المثل الشعبي: " حُكَّ لي لأحكَّ لك" والناظر في ميزانيات هذه المؤسسات والوزارات يجدها بمئات الملايين من الدولارات، وعندما يتصفح عناوين الكتب المنشورة الصادرة عنها يصاب بالغثيان والقرف لضحالتها، وقلة فائدتها، وعدم توفر أبسط شروط البحث العلمي فيها.

ولا أبالغ إذا قلت: إن مركزا أجنبيا واحدا يتفوق على كل المؤسسات والوزارات والجامعات العربية متحدة، ومثال على ما أقول معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، في إطار جامعة فرانكفورت في المانيا.

مشكلة منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، في إطار جامعة فرانكفورت، أنها محدوة الطبعات حيث يطبع من الكتاب عددا قليلاً جداً أقله خمسون نسخة، ومتوسطها مائة نسخة، وأكثرها خمسمائة، وبذلك تبقى هذه المطبوعات متداولة بين خاصة الخاصة، وأسعارها مرتفعة تعجز عن دفعها معظم الجامعات العربية، وبذلك لا يتمكن من شرائها إلا الذين لا يقرؤون، ورغم هذه المشكلات، فإن هذا المعهد قد أتاح لبعض المؤسسات الثرية مالياًّ، والفقيرة ثقافياًّ اقتناء هذه المجموعات الكثيرة من الكتب الخاصة بالعلوم العربية والإسلامية بعدد كبير من اللغات الإنسانية الحية من عربية وفارسية وعثمانية تركية، وفرنسية وإنكليزية وألمانية وإيطالية ولاتينية وإسبانية.

الدكتور محمد السيد الدغيم رجل فاضل محترم، ولكن كلامه عن إهمال الدول العربية لسزكين كلام إنشائي مع الأسف، ولا يدل على معرفة بدقائق الموضوع. ويظهر أن المثقف العربي صار عاجزاً عن تحديد المسؤوليات وتسمية الأسماء، فضلاً عن أن يقول إن المملكة العربية السعودية قامت بواجبها!!

نعم! لقد قامت المملكة العربية السعودية بواجبها وأكثر تجاه الدكتور سزكين:

* فمنحته جائزة الملك فيصل العالمية منذ عشرين عاماً، وقيمتها المادية والمعنوية كبيرة جداً.

* وترجمت كتابه إلى اللغة العربية (وطبعاً قبض الثمن كاملاً).

* واشترت معظم النسخ التي نشرها بالتصوير بأسعار فاحشة.

* وساعدته بمبالغ مالية كبيرة.

* ودعته مراراً لزيارتها والمشاركة في مناسباتها الثقافية والعلمية وإلقاء محاضرات فيها (وكان يقبض الثمن كاملاً في جميع الأحيان).

* وأوفدت عدداً من أساتذة الجامعات للعمل في المعهد لمساعدة سزكين في مشاريعه مجاناً، وأنا أعرفهم بأسمائهم وأشخاصهم.

* واستشير في بعض الأمور العلمية بأجر.

* وكان الدكتور عبدالله التركي، مدير جامعة الإمام سابقاً، عضواً في إدارة المعهد، ثم خلفه الدكتور محمد السالم (والهدف من العضوية معروف بطبيعة الحال).

* إلى غير ذلك من ضروب المساعدات.

* وقد زودته الجامعات السعودية، ولا سيما جامعة الإمام، بصور المخطوطات الأصلية والمصورة، فكان يأتي إلى الجامعة ويراجع الفهارس ويختار عشرات أو مئات العناوين فتصور له مجاناً. أما هو فكان لا يصوّر لها ولطلبتها شيئاً مما لديه إلا بصعوبة بالغة وبأفحش الأسعار.

* بل إن الذين تعاملوا معه صار عندهم انطباع بصعوبة التعامل معه، بل بوجود نوع من العنصرية عنده ضد العرب والتعالي عليهم، وأنه مضطر إلى التعامل معهم في أضيق الحدود لأجل الاستفادة المادية فقط، ولا يستطيع إخفاء مشاعره نحوهم فتظهر على كلامه وحركاته، على عكس نظرته إلى الغرب وأهله. وقد سمعت هذا من جملة من الثقات وعِلْية القوم، ووقفت على بعضه بنفسي.

أقول هذا إحقاقاً للحق ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وداعياً للرجل بالتوفيق وحسن الخاتمة، ومعترفاً بعلمه وخدمته الجليلة للثقافة الإسلامية، وهو ما أساء إليَّ قط بحمد الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير