تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي هذا بعد عندي لأن جابرا رضي الله عنه لم يتفرد برواية الإفراد عنه صلى الله عليه وسلم بل تابعه عليها جماعة من الأصحاب كالسيدة عائشة رضي الله عنها في الصحيحين وغيرهما وفي رواية لمسلم و" الموطأ " وابن سعد عنها بلفظ جابر الصريح: " أفرد الحج " ومن الصعب حينئذ الحمل المذكور لما فيه من نسبة عدم العلم إلى الأصحاب. ولذلك اختار الوجه الأول جماعة من العلماء كابن المنذر وابن حزم والقاضي عياض ورجحه الحافظ في " الفتح ". فمن شاء التوسع في التحقيق فليرجع إليه.

وأما إعلال ابن القيم لرواية جابر هذه الصريحة يتفرد الداوردي بها فيرده أنه تابعه عبد العزيز بن أبي حازم عليها. أخرجها ابن سعد في " الطبقات " (2/ 1 / 179).

13 - [قال جابر: د مج هق]: فنظرت إلى مد بصري [من: دمي مج جا] بين يديه من راكب وماش (16) وعن يمينه

______

(16) قال النووي ما مختصره:

" فيه جواز الحج راكبا وماشيا وهو مجمع عليه واختلف في الأفضل منهما فقال جمهور العلماء: الركوب أفضل اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ولأنه أعون له على وظائف ومناسكه ولأنه أكثر نفقة وقال داود: ماشيا أفضل لمشقته وهذا فاسد لأن المشقة ليست ".

ومنه تعلم جواز بل استحباب الحج راكبا في الطائرة خلافا لمن يظن العكس وأما حديث: " إن للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة والماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة " فهو ضعيف لا تقوم به حجته وروي بلفظ: " للماشي أجر سبعين حجة وللراكب أجر ثلاثين حجة " وهو أشد ضعفا من الأول ومن شاء الاطلاع عليها فليراجع كتابنا " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (رقم 496 - 497) وقد صرح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مناسك الحج " أن الحكمة في هذه المسألة تختلف باختلاف الناس " فمنهم من يكون حجه راكبا أفضل ومنهم من يكون حجه ماشيا أفضل ".

قلت: ولعل هذا هو الأقرب إلى الصواب.

مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به (17).

______

(17) فيه إشارة لطيفة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يبين للصحابة ما نزل عليه من القرآن وأنه هو وحده الذي يعرف تأويله وتفسيره حق المعرفة وأن غيره - حتى من الصحابة - لا يمكنه الاستغناء عن بيانه صلى الله عليه وسلم ولذلك كان الصحابة رضي الله عنهم في هذه الحجة - كغيرها من العبادات - يتتبعون خطاه فما عمل به من شيء عملوا به ففيه رد ظاهر على فريقين من الناس:

أ - الصوفية الذين يستغني أحدهم عن سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهديه وبيانه بما يزعمونه من العلم اللدني يرمز إليه بعضهم بقوله: " حدثني قلبي عن ربي " بل زعم الشعراني في " الطبقات الكبرى " أن أحد شيوخه (المجذوبين) والذين يترضى هو عنهم كان يقرأ قرآنا غير قرآننا ويهدي ثواب تلاوته لأموات المسلمين.

ب - طائفة يسمون أنفسهم ب " القرآنيين " والقرآن منهم بريء يزعمون أن لا حاجة بهم لفهم القرآن إلى سنة النبي عليه الصلاة والسلام ويكفي في ذلك المعرفة باللغة العربية وآدابها. مع أن هذا لم يكف جابرا وأصحابه ما عرفت لا سيما وهم عرب أقحاح نزل القرآن بلغتهم بينا هذه الطائفة كلهم أو جلهم من الأعاجم وكان من نتيجة زعمهم المذكور أن خرجوا عن الإسلام وجاؤوا بدين جديد فصلاتهم غير صلاتنا وحجهم غير حجنا وصومهم غير صومنا ولا أدري لعل توحيدهم غير توحيدنا وقد نبغ هؤلاء في الهند ثم سرت فنتهم إلى مصر وسوريا وكنت قرأت لهم كتابا باسم " الدين " ليس عليه اسم مؤلفه من قرأه عرف منه ضلالهم وخروجهم من الدين كفى الله المسلمين شر الفريقين.

14 - فأهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك.

15 - وأهل الناس بهذا الذي يهلون به (وفي رواية:

ولبى الناس [والناس يزيدون: جا حم]: جا هق حم) [لبيك ذا المعارج لبيك ذا الفواضل: د حم هق] فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه (18).

______

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير