تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(34) صحيح. أخرجه الطيالسى (966)، وابن أبى شيبة (4/ 355)، وأحمد (3/ 465،464و4/ 141) والدارمى (2621)، ومسلم، وأبو داود (3421)، والترمذى (1275)، والنسائى ((الكبرى)) (3/ 113/4686،4685)، والطحاوى ((شرح المعانى)) (4/ 129،52)، وأبو عوانة (3/ 356)، وابن حبان (5153،5152)، والطبرانى ((الكبير)) (4/ 243،242/ 4260،4259،4258)، والحاكم (2/ 48)، والبيهقى (6/ 6 و9/ 336)، وابن عبد البر ((التمهيد)) (2/ 226)، وابن الجوزى ((التحقيق فى أحاديث الخلاف)) (1581) من طرق عن يحيى بن أبى كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج به.

الحجام أجره، كان المراد من المسند إليه المعنى الثاني، يعنى الدنئ الخسيس)).

كما أجاب عنه أبو سليمان الخطابى بقوله: ((إن معنى الخبيث في قوله ((كسب الحجام خبيث)): الدنئ، وأما قوله ((ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث))، فمعناه المحرم. وقد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ، ويفرق بينهما في المعاني، وذلك على حسب الأغراض والمقاصد فيها. وقد يكون الكلام في الفصل الواحد، بعضه على الوجوب، وبعضه على الندب، وبعضه على الحقيقة، وبعضه على المجاز، وإنما يعلم ذلك بدلائل الأصول وباعتبار معانيها)).

وقال القاضى الشوكانى فى ((نيل الأوطار)) (5/ 22): ((استدل من قال بتحريم كسب الحجام، وهو بعض أصحاب الحديث، بأحاديث النهى عن كسب الحجام، ووصفه بأنه خبيث، لأن النهي حقيقة في التحريم، والخبيث حرام، ويؤيد هذا تسمية ذلك سحتا كما في حديث أبي هريرة. وذهب الجمهور من العترة وغيرهم إلى أنه حلال، واحتجوا بحديث أنس، وابن عباس. وحملوا النهي على التنزيه، لأن في كسب الحجام دناءة، والله يحب معالي الأمور، ولأن الحجامة من الأشياء التي تجب للمسلم على المسلم للإعانة له عند الاحتياج إليها.

ويؤيد هذا إذنه صلى الله عليه وآله وسلم، لمن سأله عن أجرة الحجامة أن يطعم منها ناضحه ورقيقه، ولو كانت حراما لما جاز الانتفاع بها بحال. ومن أهل هذا القول من زعم أن النهي منسوخ، وجنح إلى ذلك الطحاوي، وقد عرفت أن صحة النسخ متوقفة على العلم بتأخر الأخر، وعدم إمكان الجمع بوجه ممكن. والجمع ممكن، بحمل النهي على كراهة التنزيه؛ بقرينة إذنه صلى الله عليه وآله وسلم بالانتفاع بها في بعض المنافع، وبإعطائه صلى الله عليه وآله وسلم الأجر لمن حجمه، ولو كان حراما لما مكنه منه. ويمكن أن يحمل النهي عن كسب الحجام على ما يكتسبه من بيع الدم، فقد كانوا في الجاهلية يأكلونه، ولا يبعد أن يشتروه للأكل، فيكون ثمنه حراما. ولكن الجمع بهذا الوجه بعيد، فيتعين المصير إلى الجمع بالوجه الأول.

ويبقى الإشكال في صحة إطلاق اسم الخبث والسحت على المكروه تنزيها!. قال في القاموس: الخبيث ضد الطيب، والسحت ـ بالضم وبضمتين ـ الحرام، أو ما خبث من المكاسب، فلزم عنه العار انتهى. وهذا يدل على جواز إطلاق اسم الخبث والسحت على المكاسب الدنية، وإن لم تكن حراماً، والحجامة كذلك فيزول الإشكال.

وحكى صاحب ((الفتح)) عن أحمد وجماعة الفرق بين الحر والعبد، فكرهوا للحر الاحتراف بالحجامة، وقالوا: يحرم عليه الإنفاق على نفسه منها، ويجوز له الإنفاق على الرقيق والدواب منها، وأباحوها للعبد مطلقا، وعمدتهم حديث محيصة، لأنه أذن له صلى الله عليه وآله وسلم أن يعلف منه ناضحه)).

وتأول أبو جعفر الطحاوى الإباحة على حل كسبه، إذ لا يجوز لأحد أن يطعم عبيده من المال الحرام. قال فى ((شرح المعانى)) (4/ 132): ((وفي إباحة النبي صلى الله عليه وسلم أن يطعمه الرقيق أو الناضح دليل على أنه ليس بحرام، ألا ترى أن المال الحرام الذي لا يحل أكله، لا يحل له أن يطعمه رقيقه ولا ناضحه، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الرقيق ((أطعموهم مما تأكلون))، فلما ثبت إباحة النبي صلى الله عليه وسلم لمحيصة أن يعلف ذلك ناضحه، ويطعم رقيقه من كسب الحجامة؛ دل ذلك على نسخ ما تقدم من نهيه عن ذلك، وثبت حل ذلك له ولغيره، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير