تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن عابدين في حاشيته (5/ 230): " (وَيَنْقُشُهُ اسْمَهُ أَوْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى) ... (لَا تِمْثَالَ إنْسَانٍ) ... (أَوْ طَيْرٍ) لِحُرْمَةِ تَصْوِيرِ ذِي الرُّوحِ لَكِنَّهُ سَبَقَ فِي مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ أَنَّ نَقْشَ غَيْرِ الْمُسْتَبِينِ الَّذِي لَا يُبْصِرُ مِنْ بُعْدٍ لَا يَضُرُّ ".

أحد عشر: فصُ الخاتمِ:

ذهب الفقهاءُ إلى أنهُ يجوزُ أن يكونَ لخاتمِ الرجلِ المباحِ فصٌ من مادتهِ الفضيةِ، وفصُ الخاتمِ تارةً يكونُ منه، وتارةً من غيرهِ فإن كان منه، وكان الخاتمُ فضةً فهو مباحٌ، فإن أنساً روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ " أخرجهُ البخاري.

واختلفوا فيما لو كان الفصُ من الموادِ الأخرى على التفصيلِ الآتي:

إن كان الفصُ من ذهبٍ وكان يسيراً ففيه قولان:

- أحدهما: التحريمُ، وهو قولُ المالكيةِ والشافعيةِ واختيار القاضي وأبي الخطاب من الحنابلة [انظر: كتاب الخواتم لابن رجب 82] لعمومِ قولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: " هَذَانِ حَرَام عَلَى ذُكُور أُمَّتِي حِلّ لِإِنَاثِهَا "أخرجه أبو داود (4/ 50).

- القولُ الثاني: الإباحةُ: وهو قولُ أبي حنيفةَ ومالك وظاهر كلامِ الإمامِ أحمدَ واختارهُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ.

واستدلوا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه: " نَهَى عَنْ الذَّهَبِ إِلَّا مُقَطَّعًا " [أبو داود 4/ 67 - 68 وقال الألباني في " آداب الزفاف " (ص163): " إسناده صحيح "].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - في " الفتاوى " (21/ 82): " وَفِي يَسِيرِ الذَّهَبِ فِي بَابِ اللِّبَاسِ عَنْ أَحْمَد أَقْوَالٌ:

أَحَدُهَا: الرُّخْصَةُ مُطْلَقًا؛ لِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ " نَهَى عَنْ الذَّهَبِ إلَّا مُقَطَّعًا " وَلَعَلَّ هَذَا الْقَوْلَ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ ".ا. هـ.

قلتُ: وهذا القول اختاره الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في " الشرح الممتع " (6/ 125).

اثنا عشر: تحريكُ الخاتمِ في الوضوءِ أو الغسلِ:

المتوضأُ أو المغتسلُ إذا كان في يدهِ خاتمٌ فله حالتان:

- إحداهما: أن يكونَ الخاتمُ ضيقاً بحيثُ يشكُ وصولُ الماءِ إلى ما تحتهُ أو يغلبُ على الظنِ ذلك، فهنا ذهب جمهورُ أهلِ العلمِ من الأحنافِ والشافعيةِ والحنابلةِ إلى وجوبِ تحريكِ الخاتمِ أثناء غسل اليدِ في الوضوءِ أو الغسلِ.

قال السرخسي في " المبسوط " (1/ 10): " وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ وَاسِعًا يَدْخُلُهُ الْمَاءُ، فَلَا حَاجَةَ إلَى النَّزْعِ وَالتَّحْرِيكِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا لَا يَدْخُلُ الْمَاءُ تَحْتَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْرِيكِهِ ".

وذكر ابنُ قدامةَ - رحمه الله - في " المغني " (1/ 153) أنه سئل الإمام أحمد: " قِيلَ لَهُ: مَنْ تَوَضَّأَ يُحَرِّكُ خَاتَمَهُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ ضَيِّقًا لَا بُدَّ أَنْ يُحَرِّكَهُ، وَإِنْ كَانَ وَاسِعًا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَاءُ أَجْزَأَهُ ".

قال النووي في " المجموع " (1/ 394): " قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا كَانَ فِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ فَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ وَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ بِتَحْرِيكِهِ أَوْ خَلْعِهِ ".

وخالف المالكيةُ في ذلك وقالوا: " لا يجبُ تحريكهُ ولو كان ضيقاً ".

قلتُ: والصوابُ: هو ما ذهب إليه الجمهورُ، لأنهُ يجبُ إزالةُ جميعِ ما يمنعُ وصول الماء إلى البشرة.

قال ابن قدامة في " المغني " (1/ 153): " وَإِذَا شَكَّ فِي وُصُولِ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ وَجَبَ تَحْرِيكُهُ؛ لِيَتَيَقَّنَ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُصُولِهِ ". والله تعالى أعلم.

- الحالة الثانية: أن يكونَ الخاتمُ واسعاً بحيثُ يبلُ الماءُ ما تحته بدون تحريكٍ، فذهب جمهورُ الفقهاءِ من الحنفيةِ والشافعيةِ والحنابلةِ استحبابهُ.

الثالث عشر: نزعُ الخاتمِ في التيممِ:

ذهب الجمهورُ - المالكيةُ والشافعيةُ والحنابلةُ - إلى أنهُ يجبُ على من يريدُ التيممَ نزع خاتمهِ ليصل الترابُ إلى ما تحته عند المسحِ، ولا يكفي تحريكُ الخاتمِ، لأن الترابَ لا يسري إلى ما تحت الخاتمِ بخلافِ الماءِ في الوضوءِ.

قال الشربيني الشافعي في "حاشيته على الغرر البهية " (1/ 537): " وَنَبَّهَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ إيصَالُ التُّرَابِ إلَى مَا تَحْتَهُ لَا نَزْعُهُ جُمْلَةً وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ إيجَابَ النَّزْعِ هُنَا وَعَدَمَهُ فِي الْوُضُوءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ اتَّسَعَ الْخَاتَمُ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْغُبَارِ لِمَا تَحْتَهُ لَا يَجِبُ النَّزْعُ هُنَا وَلَوْ ضَاقَ بِحَيْثُ مَنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ لِمَا تَحْتَهُ وَجَبَ النَّزْعُ هُنَاكَ أَيْ أَوْ تَحْرِيكٌ يَحْصُلُ بِهِ وُصُولُ الْمَاءِ تَحْتَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ".

قلتُ: هذا ما تطمئنُ إليه النفسُ، فالمؤمنُ يتركُ ما يريبه إلى ما لا يريبه من بابِ الاحتياطِ والاستبراءِ للدينِ؛ والله تعالى أعلم.

أبو عبدالعزيز سعود الزمانان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير