تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للسارق بالتخفيف عنه من الإثم وحفظاً لهذه الثياب المتروكة من الضياع.

وقد أباح بعض أهل العلم فيمن له على إنسان حق من دين أو غصب أن يأخذ من ماله بقدر حقه إذا عجز عن استيفائه بغير ذلك، فههنا مع رضا من عليه الحق يأخذه أولى، وإن كانت ثم قرينة على أن الآخذ للثياب إنما أخذها ظنا منه أنها ثيابه، مثل أن تكون المتروكة مثل المأخوذة أو خيراً منها، وهي ما تشتبه بها فينبغي أن يعرفها ههنا، لأن صاحبها لم يتركها عمداً فهي بمنزلة الضائعة، والظاهر أنه إذا علم بها أخذها ورد ما كان أخذه فتصير كاللقطة في المعنى، وبعد التعريف إذا لم تعرف ففيها الأوجه الثلاثة المذكورة إلا أننا إذا قلنا يأخذها أو يبيعها الحاكم ويدفع إليه ثمنها، فإنما يأخذ بقدر قيمة ثيابه من غير زيادة، لأن الزائد فاضل عما يستحقه ولم يرض صاحبها بتركها عوضاً عما أخذه، فإنه لم يأخذ غيرها اختياراً منه لتركها ولا رضى بالمعاوضة بها، وإذا قلنا إنه يدفعها إلى الحاكم ليبيعها ويدفع إليه ثمنها فله أن يشتريها بثمن في ذمته، ويسقط عنه من ثمنها ما قابل ثيابه ويتصدق بالباقي"

تاسعا: يشرع لمن دخل المقابر خلع نعليه:

سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية: هل خلع النعال في المقابر من السنة أم بدعة؟ فأجابت:" يشرع لمن دخل المقبرة خلع نعليه، لما روى بشير بن الخصاصية قال:"بينا أنا أماشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رجل يمشي في القبور وعليه نعلان، فقال: يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك" فنظر الرجل، فلما عرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلعهما فرمى بهما"رواه أبو داود، وقال أحمد: إسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد، أذهب إليه إلا من علة، والعلة التي أشار إليها أحمد - رحمه الله - كالشوك والرمضاء ونحوهما، فلا بأس بالمشي فيهما بين القبور لتوقي الأذى"

قلت:السبت بالكسر، جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال سميت بذلك لأن شعرها سبت عنها أي حلق وأزيل.

وذهبت طائفة من أهل العلم إلى جواز المشي في المقبرة بالنعال، منهم النسائي وابن حزم - رحمهما الله -، لحديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه صاحبه وإنه ليسمع قرع نعالهم"، وقال بعض أهل العلم: بأن النعال السبتية خاصة بأهل الفخر والفخر.

قلت: وهذا القول ليس بجيد، فأما استدلالهم بأن الميت يسمع قرع نعال المشيعين فهذا دلالة مفهوم، بينما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لصاحب السبتيتين [ان ينزعهما دلالة منطوق، والمنطوق يقدم على المفهوم، أما كون النعال السبتية خاصة لأهل الفخر فهذا القول كذلك ضعيف، إذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه لبسها، فعن عبد الله بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -:"رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها قال:ما هي يا ابن جريج؟ ... وفيه: "رأيتك تلبس النعال السبتية فقال: أما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال السبتية التي فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها"

عاشراً: من أزال نعلاً من موضع ووضعه بموضع آخر ضمنه إن فقد:

يجب على المرء إن دخل مسجداً ووجد نعلاً قد وُضِعت في مكان ما ثم أزال هذه النعل ووضع نعله مكانها أن يضمن النعل، لأنه لا يحق له إزاحتها ولكنه إن فعل فيجب عليه أن لا يضيع حقوق الآخرين، وأن يحفظها أو يضعها في مكان آمن، قال العلامة الوزاني المالكي - رحمه الله -:"من أزال نعلاً من موضع ووضعه بآخر ضمنه، لأنه لما نقله وجب عليه حفظه"

الحادي عشر: النهي عن المشي في نعل واحدة إذا انقطعت إحداهما:

نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المشي في نعل واحدة إذا انقطعت إحداهما حتى يصلحها، وقد أجمع العلماء على أن النهي للكراهة وليس للتحريم، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا انقطع شِسْعُ أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها"،قال النووي - رحمه الله -:"وسببه أن ذلك تشويه ومثلة ومخالف للوقار، ولأن المنتعلة تصير أرفع من الأخرى فيعسر مشيه وربما كان سبباً للعثار".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير