يحرم لباس النعل لقصد الاشتهار ولمخالفته الناس وليشار إليه بالبنان، فقد تسابق الناس في هذا الزمان إلى لبس النعل والملابس النفيسة بقصد لفت أنظار الناس إليهم، واشتهارهم بينهم مع الكبر والترفع عليهم، جاهلين أو متجاهلين قوله - صلى الله عليه وسلم -:"من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة"
قال ابن الأثير:"الشهرة ظهور الشيء والمراد أن ثوبه يشتهر بين الناس لمخالفة لونه لألوان ثيابهم فيرفع إليه أبصارهم، ويختال عليهم بالعجب والتكبر"
وقال الشوكاني في النيل:"إذا كان اللبس لقصد الاشتهار في الناس فلا فرق بين رفيع الثياب ووضيعها والموافق لملبوس الناس والمخالف، لأن التحريم يدور مع الاشتهار، والمعتبر القصد وإن لم يطابق الواقع"
وثوب الشهرة قد يكون بالوضيع من الثياب أو النعال، كمن يلبس رديء الثياب والنعل ليعتقد الناس فيه الزهد والورع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:"وتكره الشهرة من الثياب، وهو المترفع الخارج عن العادة، والمنخفض الخارج عن العادة، فإن السلف يكرهون الشهرتين، المترفع والمتخفض، وفي الحديث"من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة" وخيار الأمور أواسطها"
• ج: إذا كانت النعل مصنوعة من جلود السباع فلبسها محرم:
إذا كانت النعل من جلود السباع أو كان فيها شيء من جلود السباع فيحرم لبسها على الذكور والإناث، لحديث خالد قال وفد المقدام بن معدي كرب على معاوية، فقال: أنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن لبوس جلود السباع والركوب عليها قال: نعم"،ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تصحب الملائكة رُفقةً فيها جلد نمر"
قال القاضي من الحنابلة:"لا يجوز الانتفاع بجلود السباع لا قبل الدبغ ولا بعده، وبذلك قال الأوزاعي ويزيد بن هارون وابن المبارك وإسحاق وأبو ثور"
قال الإمام الترمذي في جامعه:"وكره بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم جلود السباع، وشددوا في لبسها والصلاة فيها، ثم قال الترمذي: وكره ابن المبارك وأحمد وإسحاق والحميدي الصلاة في جلود السباع"
قلت: ولا يفهم من قولهم الكراهة نفي التحريم، فإن المتقدمين إذا أطلقوا لفظ الكراهة فإنما يعنون في الغالب التحريم، قال ابن القيم - رحمه الله -:"وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك، حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم، وأطلقوا لفظ الكراهة، فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة الكراهة، ... ثم قال ابن القيم:"وقال أبو القاسم الخرقي فيما نقله عن أبي عبد الله: ويكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة، ومذهبه لا يجوز"
وقد اختلف أهل العلم في ذكر الحكمة من النهي، فذهب بعضهم إلى أن النهي بسبب ما يقع على هذه الحيوانات من الشعر، لأن الدباغ لا يؤثر فيه، وقال بعضهم: يحتمل أن النهي لأجل أنها مراكب أهل السرف والخيلاء، وعلى المسلم أن يتقي ربه وأن يدع ما يريبه إلى ما لا يريبه وفي المباح والحلال مندوحة عن ارتكاب المعاصي، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
• د: أن يكون فيها الذهب أوالحرير:
يحرم لباس النعل على الرجال إن كان فيها ذهب أو حرير، فقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه:"أخذ حريراً فجعله في يمينه وأخذ ذهباً فجعله في شماله ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي"
• هـ يحرم لباس النعل التي فيها ضرر على الإنسان:
يحرم لبس النعل التي فيها ضرر على النفس، كالكعب العالي، وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم لبس الكعب العالي، فأجابت بأن:"لبس الكعب العالي لا يجوز لأنه يعرض المرأة للسقوط، والإنسان مأمور شرعاً بتجنب الأخطار، بمثل قوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} وقوله {ولا تقتلوا أنفسكم}،كما أنه يظهر قامة المرأة وعجيزتها بأكثر مما هي عليه، وفي هذا تدليس وإبداء لبعض الزينة التي نهيت عن إبدائها المرأة المؤمنة بقول الله عز وجل {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن} "
• و: لبس الرجال نعل النساء ولبس النساء نعل الرجال:
¥