عَجَبٌ وَطَالِعْ سُنَّةَ الرَّحْمنِ.
فَانْظُرْ إلَى ذَا الاتِّفَاقِ فَإنَّهُ
585
َقولٌ مُحَالٌ وَهْوَ خَمسُ مَعَانِي
وتكَايَستْ أخْرَى وقَالَتْ: ((إنَّ ذَا
586
لجِميعِهَا كالأُسِّ للبُنْيَانِ
تِلْكَ التي ذُكِرَت، ومَعْنىً جَامِعٌ
587
(أوصَافَُهُ) -)) وهُمَا فمُتَّفِقَانِ:
فَيَكُونُ (أنواعاً) -وعِنْدَ نَظِيرهِمْ
588
ـلُوقٌ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنَ الدَّيانِ))
((إنَّ الذِي جَاءَ الرسُولُ بِهِ لَمَخْـ
589
أنْشَاهُ تَعْبِيراً عَنِ القُرآنِ
والخُلْفُ بَيْنَهُمُ ((فقيل: مُحَمَّدٌ
590
جِبْريلُ أنشَاهُ عَنِ المنَّانِ
والآخَرُونَ أبَوْا وَقَالُوا: إنَّمَا
591
نَقْلٌ مِنَ اللَّوحِ الرَّفِيعِ الشَّانِ
وتكَايَسَتْ أخْرَى وَقَالَتْ: إنَّهُ
592
أنْشَأْهُ خَلْقاً فِيه ذَا حَدَثَانِ))
فاللَّوحُ مَبْدَؤهُ، وربُّ اللَّوْحِ قَدْ
593
في كُتْبِهِمْ يَا مَنْ لَهُ عَيْنَانِ
هَذِي مقَالاَتٌ لَهُمْ فانظرْ تَرَى
594
جِبرِيلُ بلَّغَهُ عَنِ الرَّحْمَنِِ
لَكِنَّ أهْلَ الحَقِّ قَالُوا إنَّمَا
595
للصَّادِقِ المَصْدُوقِ بالبُرهَانِ
ألقَاهُ مَسْمُوعاً لَهُ مِنْ رَبِّهِ
596
فَصْلٌ
فيِ مجامع طُرُقِ أهل الأرض واختلافهم في القرآن
فِيهَا افتِرَاقُ النَّاسِ فِي القُرآنِ
وَإذَا أرَدْتَ مَجَامِعَ الطُّرُقِ الَّتِي
597
هَذَا الخِلاَفُ هُمَا لَهُ رُكنَانِ:
فمَدارُهَا أصْلاَنِ قَامَ عَلَيْهِمَا
598
في ذَاتِهِ أمْ خَارِجٌ؟ هَذَانِ
هَلْ قولُهُ بمشِيَئةٍ أمْ لاَ؟ وَهَلْ
599
ـقُرْآنِ فَاطْلُبْ مُقْتَضَى البُرْهَانِ.
أصْلا اختِلافِ جَمِيْعِ أهْل الأرْضِ في الـ
600
وَإرَادَةٍ مِنْهُ فَطَائِفَتَانِ:
ثُمَّ الأُلَى قَالُوا بِغيرِ مَشِيئَةٍ
601
بالنَّفْسِ، أوْ قَالُوا بِخَمْسِ مَعَانِي
إحْدَاهُمَا جَعَلَتْهُ مَعْنًى قَائِماً
602
تُبْدِيِه مَعْقُولاً إلَى الأذْهَانِ،
وَاللُه أحْدَثَ هَذِهِ الألفَاظَ كَيْ
603
ـقُرآنَ بَلْ مَخْلُوقَةٌ دَلَّتْ عَلى القُرْآنِ
وَكَذَاكَ قَالُوا إنَّهَا لَيسَتْ هيَ الْـ
604
ـمِيَةَ المَجَازِ وذَاكَ وَضْعٌ ثَانِي.
ولربَّما سُمِّي بِهَا القُرْآنُ تَسْـ
605
عَنْهُ، وقِيلَ: عِبَارَةٌ لِبَيَانِ؛
وَكَذلِكَ اخْتَلَفُوا فقِيلَ: حِكَايَةٌٌ
606
ـذَا اللَّفْظُ والمْعنَى فمخْتَلِفَانِ
إذْ كَانَ مَا يُحْكَى كَمَحْكِيٍّ وَهَـ
607
إذْ كَانَ أوّلُهُ نَظِيرَ الثَّانيِ
ولذَا يُقَالُ حَكَى الحَدِيثَ بعَيْنِهِ
608
وَنَقُولُ ذَاكَ عِبَارَةُ الفُرْقاَنِ،
ِ فَلِذَاكَ قَالُوا لاَ نَقُولُ حِكَايَةٌ،
609
ـظِيّاً ومَا فِيهِ كَبِيرُ مَعَانِي
والآخَرُونَ يَرَوْنَ هَذَا البَحْثَ لَفْـ
610
فَصْلٌ
فيِ مذْهَبِ الاقترانية
لَفْظٌ وَمَعْنىً لَيْسَ ينْفَصِلانِ
وَالفِرْقَةُ الأخرَى فَقَالَتْ: ((إنَّهُ
611
بالنَّفْسِ لَيْسَ بقَابِلِ الحَدَثَانِ
وَاللَّفْظُ كالمعْنَى قَدِيمٌ قَائِمٌ
612
لَكِنْ هُمَا حَرْفَانِ مُقْتَرنَانِ))
فَالسَّينُ عِنْدَ البَاءِ لا مَسْبُوقَةٌ
613
تَرْتِيبُهَا بالسَّمْعِ بالآذَانِ
والقَائِلُونَ بِذَا يقُولُوا: ((إنَّمَا
614
فاعْجَبْ لِذَا التَّخْلِيِطِ والهَذَيَانِ!
وَلَهَا اقْتِرَانٌ ثَابِتٌ لذَوَاتِهَا))
615
ذَوَاتَهَا وَوُجُودَهَا غَيْرَانِ
لَكِنَّ زَاغُوْانِيَّهُمْ قَدْ قَالَ: ((إنَّ
616
يَا لَلْعُقُولِ وَزَيْغَةِ الأذْهَانِ!
فَتَرتَّبَتْ بِوْجُودِهَا لا ذَاتِهَا))
617
أذْهَانِ بَلْ في هَذهِ الأعْيَانِ
لَيْسَ الوُجُودُ سِوَى حَقِيقَتِهَا لِذِي الـ
618
وَوُجُودَهَا ذِهْناً: فمُخْتَلِفَانِ
لَكِنْ إذَا أخَذَ الحقيقَةَ خَارجاً،
619
اتَّحَدَا اعتبَاراً لمَ ْيَكُنْ شَيْئَانِ
وَالعَكْسُ أيضاً مِثْلُ ذَا فإذَا هُمَا
620
فيِ ذَاتِهِ وَوُجُودِه الرَّحمنِ
وبِذَا يَزُولُ جَمِيعُ إشْكَالاتِهم
621
فصلٌ
في مذاهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والإرادة
وإرَادَةٍ أيضاً فَهُمْ صِنْفَانِ:
وَالقَائِلُونَ بِأنَّهُ بِمَشِيئَةٍ
622
كَمَشِيئَةٍ لِلْخَلْقِ والأكْوَانِ
إحْدَاهمَا جَعَلَتُهُ خَارِجَ ذَاتِهِ
623
ـشْرِيفِ مِثلَ البيتِ ذِي الأرْكَانِ
قَالوا: وصَارَ كَلامَهُ بإضَافَة التَّـ
624
والقَوْلُ لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الدَّيَّانِ
مَا قَالَ عندَهُمُ ولا هُوَ قائِلٌ
625
بِالغَيْرِ كالأعْرَاضِ والألْوَانِ.
¥