تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في الرد على هذه الشبهة ما قاله شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في رده على الرازي (1/ 109) حيث يقول:

(وإذا كان كذلك فاسم (المشبهة " ليس له ذكر بذم في الكتاب والسنة ولا كلام أحد من الصحابة والتابعين؛ ولكن تكلم طائفة من السلف مثل عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ونعيم بن حماد وغيرهم بذم المشبهة، وبينوا الذين ذموهم أنهم الذين يمثلون صفات الله بصفات خلقه، فكان ذمهم لما في قولهم من مخالفة الكتاب والسنة إذ دخلوا في التمثيل، إذ لفظ التشبيه فيه إجمال واشتراك وإيهام بخلاف لفظ التمثيل الذي دل عليه القرآن؛ ونفي موجبه عن الله عز وجل).

وقال رحمه الله في التدمرية ما حاصله:

(إن اتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات، ولهذا سمى الله نفسه بأسماء، وسمى صفاته بأسماء؛ فكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفة إليه لا يشركه فيها غيره، وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص، فقد سمى الله نفسه حياً فقال: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) (سورة البقرة: آية 255). وسمى بعض عباده حياً فقال تعالى: (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي) (سورة الروم: آية 19). وليس هذا الحي مثل هذا الحي؛ لأن قوله (الحي) اسم لله مختص به.

وقوله (يخرج الحي من الميت) اسم للحي المخلوق مختص به، وإنما يتفقان إذا أطلقا وجردا عن التخصيص). انتهى كلامه رحمه الله.

التعقب السابع:

في كتاب (الدعوات والأذكار) حديث رقم (6991) وفيه قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " وليس أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منه وما بطن ".

قال الشارح:

(قوله " وليس أحد أغير من الله " أغير: اسم تفضيل من الغيرة، وهي تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشد ما يكون ذلك بين الزوجيين، فالغيرة هي الحمية والأنفة، وهذا في حق الآدميين، وأما في حق الله فقد فسر في الحديث بقوله: " وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه " وهو ينبيء عن شدة غضبه وسخطه على ذلك).

أقول:

الواجب إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.

والحديث دل على إثبات الغيرة لله تعالى وهي لا تماثل غيرة المخلوق، لقوله تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (سورة الشورى: آية 11).

وتفسير غيرة الله بشدة غضبه وسخطه يخالف ظاهر الحديث، ولا دليل صحيح عليه.

التعقب الثامن:

في كتاب (صفات المنافقين) عند شرح حديث رقم (7036) قال الإمام مسلم رحمه الله: حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن بشار ـ قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدتنا شعبة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن قيس بن عباد قال: قلنا لعمار: أرأيت قتالكم أرأياً رأيتموه؟ فإن الرأي يخطيء ويصيب، أو عهداً عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لم يعهده إلى الناس

كافة وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن في أمتي " قال:

شعبة وأحسبه قال: حدثني حذيفة.

وقال غندر: أراه قال: " في أمتي اثنا عشر منافقاً لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة، سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم ".

قال الشارح:

(وحاصل جواب عمار أنه كان يظن أن هؤلاء المنافقين الاثنى عشر هم قواد أهل البصرة والشام، وكان هذا من أقبح سوء الظن من عمار، غفر الله له ورضي عنه، وإن كان هناك منافقون فقد كانوا في صفوف علي ممن قتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه أو أعانوا عليه ولا يعرف ذلك في صف غيره).

أقول:

من أصول أهل السنة والجماعة: سلامة ألسنتهم وقلوبهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يذكرونهم إلا بخير، والكف عما شجر بينهم.

أما قول الشارح: (وحاصل جواب عمار أنه كان يظن أن هؤلاء المنافقين الاثنى عشر هم قواد أهل البصرة والشام .. ).

فيقال:

هذا كذب على هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه، فإنه لم ينسب في جوابه النفاق لأحد بعينه، بل الثابت عن عمار رضي الله عنه خلاف ذلك، فقد روى ابن أبي شيبة رحمه الله في مصنفه (15/ 390) عن زياد بن الحارث الصدائي أنه قال: " كنت إلى جنب عمار بن ياسر بصفين وركبتي تمس ركبته فقال رجل: كفر أهل الشام. فقال عمار: لا تقولوا ذلك، نبينا ونبيهم واحد وقبلتنا وقبلتهم واحدة ". وهذا الأثر سنده حسن بشواهده.

وقد صح عن عمار أنه شهد لعائشة رضي الله عنها بالجنة قبل موقعة الجمل مع أهل البصرة،؛ ففي خطبته المشهورة قال: " أما والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ... ".

أما قول الشارح: (وكان هذا من أقبح سوء الظن من عمار، غفر الله له ورضي عنه .. ).

فيقال:

بل هذا من أقبح سوء الظن من الشارح في هذا الصحابي الجليل وسوء أدب معه، وقد نسب إليه مالا يثبت عنه.

وقول الشارح: (وإن كان هناك منافقون فقد كانوا في صفوف علي ممن قتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه أو أعانوا عليه ولا يعرف ذلك في صف غيره).

فيقال:

صح عن علي رضي الله عنه أنه قال: " والله ما قتلت عثمان، ولا أمرت بقتله، ولكن غلبت وإن كنت لقتله لكارهاً ".

ولم يكن رضي الله عنه يعلم قتلة عثمان رضي الله عنه بأعيانهم فقد صح عنه أنه قال: " والله لوددت أن بني أمية رضوا لنفلناهم خمسين رجلاً من بني هاشم يحلفون: ما قتلنا عثمان ولا نعلم له قاتلاً ".

الخاتمة:

إلى هنا أصل إلى نهاية هذه التعقبات التي أسأل الله عز وجل أن ينفع بها، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه،،،،،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير