تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1. عن أم عطية الأنصارية أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تنهكي فإنه أحظى للمرأة وأحب إلى البعل)) [أخرجه أبو داود في كتاب الأدب 4/ 368 حديث رقم 5271]. قال أبو داود الحديث ضعيف برواية محمد بن حسان الكوفي، وهو ضعيف، وقد ورد هذا الحديث برواية العلاء بن العراء وهو صحيح الإسناد، وقد أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت الرقم (922).

2. وللحديث شاهدان من حديث أنس، ومن حديث أم أيمن عند أبي الشيخ في كتاب العقيقة، وآخر عن الضحّاك بن قيس [خصال الفطرة، رسالة ماجستير، الأستاذة فاطمة كرار]. وجاء في المستدرك للحاكم قوله عليه الصلاة والسلام: ((اخضبن غمساً وأخفضن ولا تنهكن))، وهو صحيح وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وأورده الطبراني.

ومن الشواهد التي تقوي حديث أم عطية أيضاً رواية البخاري في الأدب المفرد عن أم مهاجر رضي الله عنها قالت: ((أسرت ونساء من الروم، فعرض علينا عثمان بن عفان الإسلام، فأسلمت وجارية، فقال اخفضوهما أو طهروهما قال فطهرنا، وكن نخدم عثمان رضي الله عنه)).

أما تضعيف ابن المنذر للأحاديث الواردة في الختان بقوله: "ليس في الختان خير يرجع إليه ولا سنة تتبع" [نيل الأوطار للشوكاني، 1/ 138] تدحضه رواية العلاء بن العراء وجملة الأحاديث والشواهد المذكورة التي تقوي رواية محمد بن حسان الكوفي التقريرية، فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم ختن الإناث، ولم يمنع الخاتنة من الختن، وأمرها بالإشمام أي القطع من أعلى فقط، ونهاها عن الإنهاك أي ألاّ تبالغ في القطع. وقد قال ابن قيم الجوزية: "وفي الحديث ما يدل على الأمر بالإقلال من القطع" [تحفة المودود بأحكام المولود، ابن القيم].

ثالثاً: حكم الختان وأقوال أهل العلم فيه:

ذكر أهل العلم في حكم الختان ثلاثة أقوال:

القول الأول: الختان واجب على الذكر والأنثى، وهو الصحيح المشهور عند الشافعية والحنابلة وابن تيمية وابن قيم الجوزية. قال الشافعية هو واجب، وقال عطاء: "لو أسلم الكبير لم يتم إسلامه حتى يختن". وقالوا إن للرجل إجبار زوجته المسلمة عليه كالصلاة، واستدلوا على الوجوب بالآتي:

(أ) قوله تعالى: (أن اتبع ملة إبراهيم) [سورة النحل: 123]. وقد ورد في الصحيحين مرفوعاً: ((ختن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم))، وأخرج أبو الشيخ في العقيقة من طريق موسى بن علي بن رباح عن أبيه أن إبراهيم عليه السلام أمر أن يختن وهو حينئذ ابن ثمانين سنة فخجل واختتن بالقدوم، فالأمر يدل على الوجوب.

(ب) الختان فيه إيلام، والإيلام لا يكون إلاّ لواجب.

(ج) الختان فيه كشف عورة، وكشف العورة محرم، ولو لم يكن واجباً لما كشف له .. [فتح الباري شرح صحيح البخاري، فقد أسهب في سرد أدلة الوجوب ومناقشتها ومن أراد التفصيل فليرجع إليه].

القول الثاني: الختان سنة للذكر والأنثى، وهو مذهب الحنفية وبه قال الإمام مالك وأحمد في رواية عنه. ورد في الدر المختار: "الختان سنة وهو من شعائر الإسلام فلو اجتمع أهل بلدة على تركه حاربهم الإمام كما لو تركوا الأذان، فلا يترك إلا لعذر" [رد المحتار على الدر المختار 5/ 478]، وقال الإمام مالك: "من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته" [نيل الأوطار للشوكاني 1/ 139].

القول الثالث: الختان واجب على الذكور مكرمة للإناث وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل، وقال به بعض المالكية والظاهرية واستدلوا بحديث شداد بن أوس: ((الختان سنة للرجال مكرمة للنساء)) [أخرجه البيهقي 8/ 325، الحديث ضعيف لكن الشواهد التي ذُكِرَتْ تُقَوِّيه]. قال البيهقي هو ضعيف منقطع لأن فيه الحجاج بن أرطأة وهو مدلس، وللحديث شاهد عند الطبراني، وفي مصنف عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن عمر قال في الختان: ((هو للرجال سنة وللنساء طُهرة)) [رواه البيهقي 11/ 174].

قال النووي والصحيح في مذهبنا الذي عليه جمهور أصحابنا أن الختان جائز في حال الصغر وليس بواجب.

كما قال الشوكاني في الترجيح: "والحق أنه لم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب، والمتيقن السنّة، والواجب الوقوف على المتيقن إلى أن يقوم ما يوجب الانتقال عنه" [نيل الأوطار للشوكاني 1/ 139 - 141].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير