قال الدارقطني في " سننه " (1/ 128):
" صحيح ".
قال الحاكم في " المستدرك " (1/ 183) ك
" صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علةٌ ".
وقال الجوزقاني في " الأباطيل والمناكير " (1/ 362) رقم
(348):
" هذا حديث حسن مشهور ".
وقال البوصيري في " مصباح الزجاجة " (1/ 146):
" هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله عن أخرهم محتجٌ بهم في الصحيحين ".
وقال المنذري في " الترغيب " (1/ 139) بعد ذكر تصحيح الحاكم:
" وهو كما قال ".
وفي " فيض القدير " للمناوي (2/ 80):
" وقال الضياء المقدسيُّ: سنده حسنٌ. قال مغلطاي: وما علم أن الترمذي سأل عنه البخاري، فقال: حديثٌ صحيحٌ ".
قلتُ: ومع ذلك قال عنه الإمام الكبير أبو حاتم كما في
" العلل " (2/ 207):
" هذا حديثٌ باطلٌ ـ يعني: مرفوع).
وقال الدارقطني في " العلل " (ج3 / ق45/أ):
"والحديث يرويه الأعمش، واختلف عنه. فأسنده أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وخالفه ابن فضيل فوقفه.ويشبه أن يكون الموقوف أصح ".
وترجيح أبي حاتم والدارقطني (وقد حكم بصحة المرفوع كما تقدم) للموقوف فيه نظر؛ لأن أباعوانة ـ وهو وضاح اليشكري ـ أوثق من محمد بن فضيل بلا شك، فقد وصفه الحافظ ابن حجر أنه: " ثقة ثبت " واقتصر في الثاني على قوله: " صدوق " فهذا التفاوت من المرجحات عند التعارض كما لا يخفى.وكأنه لذلك لم يعبأ بهذا الإعلال أحدٌ ممن حكم على الحديث بالصحة.
ومحمد بن فضيل حتى لو قلنا بتوثيقه كما في " الكاشف " فأبي عوانة أوثق منه بلا ريب.
السؤال هو: أيقال على من حكم على رواية الرفع بالصحة أنه من المتأخرين ولا يعبأ بما عند المتقدمين؟!!
2ـ حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"
ورد مرفوعاً، وورد ـ أيضاً ـ موقوفاً.
صحح الإمام مسلم رواية الرفع؛ لأنه أوردها في
" صحيحه " رقم (710) (63، 64) بأسانيد متعددة.
وقال الترمذي (2/ 283 ـ شاكر):
" والحديث المرفوع أصحُّ عندنا ".
وأبوعوانة فقد أخرج رواية الرفع في " صحيحه " (1/ 374 ـ 375).
وقد رجحا رواية الرفع الإمام أحمد شاكر فقال:
" لأن الرفع زيادة ثقة، فهي مقبولة. وقد رواه مسلم أيضاً من طريق حماد بن زيد عن عمرو بن دينار مرفوعاً، وفي آخره: " قال حماد: ثم لقيت عمراً فحدثني به ولم يرفعه ". فهذا يدل على أن عمرو بن دينار كان يرفعه تارة ولا يرفعه أخرى " أه.
وقال شيخنا الإمام الألباني في " إرواء الغليل " (2/ 267):
" لكن رواية الثقات الآخرين الذين رووه عن عمر و به مرفوعاً مقدمة على رواية الذين أوقفوه؛ لأن معهم زيادة وهي مقبولة اتفاقاً،لاسيما وقد شهد لها الطريق الأخرى كما ذكرنا.
وله شاهد من حديث ابن عمر مرفوعاً " أه.
قلت: وخالف في ذلك الإمام الكبير أبي زرعة الرازي فرجح رواية الوقف على الرفع فقال في " العلل "
(1/ 268):
" الموقوف أصح ".
السؤال هو: هل يقال على من ترجح لديه رواية الرفع على رواية الوقف أنه من المتأخرين ولا يحسن تطبيق منهج المتقدمين؟
(2) ـ زيادة " وإذا قرأ فأنصتوا "
تنازع العلماء في تثبيت هذه الزيادة.
فمنهم من حكم عليها بالوهم وهم:
1ـ أبوداود السجستاني في " سننه" (1/ 405) رقم
(604).
2ـ الدارقطني في " سننه " (1/ 331) وفي " التتبع "
(ص 211).
3ـ أبو حاتم في " العلل" (1/ 338).
4ـ أبوعلي النيسابوري كما في " السنن الكبرى " للبيهقي (2/ 156).
5ـ والبيهقي في " القراءة خلف الإمام " (108ـ110) وقال بعد بحث مطول:
" ووهن أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمهم الله هذه الزيادة في الحديث "
البزار فيما نقله الزيلعي في " نصب الراية"
(2/ 15).
قلت: ومع هذا فقد صحح الحديث من رواية أبي هريرة جماعة، منهم:
1ـ الإمام مسلم: ففي " صحيحه " (1/ 300ـ إكمال المعلم) رقم (404) (63):
" قال أبو إسحاق ـ وهو راوية الصحيح عنه ـ: قال أبو بكر ابن أخت أبي النضر في هذا الحديث] بمعنى أنه طعن فيه [
فقال مسلم: تريد أحفظ من سليمان؟
فقال أبو بكر: فحديث أبي هريرة؟ فقال: هو صحيح؛ يعني: وإذا قرأ فأنصتوا، فقال: هو عندي صحيح.
فقال: لم َ لمْ تضعه هاهنا؟ قال: ليس كل شيء عندي، صحيح وضعته هاهنا. إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه.
2ـ ونقل ابن عبدالبر في " التمهيد " (3/ 181) تصحيحه عن الإمام أحمد فقال:
"وقد صحح الحديث أحمد بن حنبل وحسبك به إمامة وعلماً بهذا الشأن ".
3ـ وصححه ابن حزم في " المحلى " (3/ 240).
4ـ وكذا شيخنا الألباني ـ رحمه الله ـ في " إرواء الغليل " (2/ 38 و121).
السؤال هو: هل من صحح هذه الزيادة على من غير منهج المتقدمين وإنما هو على طريقة الفقهاء والأصوليين؟!!.
قال أبو عبدالرحمن: وبين يدي عشرات الأمثلة بل مئات مما تؤكد وقوع الخلاف بين المتقدمين في إصدار أحكامهم على الأحاديث، ولو كانوا على منهج واحد ما حصل هذا الاختلاف.
فإن قال قائل: الخلاف في التطبيق لا في المنهج
فالجواب: الواقع يبطل هذه الدعوة، ومن باب التنزل أقول لك: هب أن الخلاف في التطبيق لا في التأصيل (وهو المنهج) فلماذا لا تقول حينئذ ما حدث للمتأخرين هو خلاف في التطبيق لا في التأصيل كما بررت الخلاف عند المتقدمين.
على هذا تبطل تلكم الدعوة الجائرة الظالمة التي ينادي بها من يفرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين.
أقول أخيراً كما قال الأخ المفضال العزيز الغالي السلفي الأثري أبا نايف (رحم الله تعالى علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم من المتأخرين والمتقدمين الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الشريعة والنصح ـ والله ـ لأمة محمد صلى الله عليه وسلم
فجزاهم الله خير الجزاء وجمعنا معهم في جنة النعيم آمين).
ــــــــــــــــــــــــــــ
¥