تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وما كان فيه عن الرازي فإن العائذي، أخبرنا به عنه وما كان فيه عن غير هؤلاء فقد ذكرت من حدثني به وعمن أخذته إلا أن يكون مما قرب عهده، وأدركته بسني، وقيدته بخطي وحفظي، وأخذته عن ثقة من أصحابي، فلم أحتج إلى تسميته ([177]).

ومن خلال استقراء هذه المقدمة، وبعد تتبعنا لما جمعه من معلومات، وأخبار في ثنايا كتابه، يتبين لنا أن مصادر ابن الفرضي كانت متعددة، ومتنوعة، وأنه لم يكن يغفل أي مصدر يظن أنه يخدمه أو يوفر له معلومة، أو خبرا مهما، ولهذا كانت موارده عديدة، ومصادر المعلومات لديه كثيرة، وقد جاءت على النحو التالي:

أولاً: المصادر المكتوبة.

ثانياً: مصادر المعاينة، والمعايشة، والمشاهدة.

ثالثا: المصادر الشفوية - السماع والمشافهة.

وكان لكل نوع من هذه المصادر طرقه، وأساليبه، ووسائله المتعددة، حيث حاول المؤلف الإفادة منها جميعاً في جمع مادته العلمية حسب الفرص المتاحة لكل نوع من هذه المصادر خاصة، وقد كانت المصادر المكتوبة تضم الأقسام التالية:

أ - المؤلفات والكتب التاريخية.

ب - الاستكتاب.

ج - اللوحات والوثائق المادية.

أ: المؤلفات والكتب التاريخية:

يقصد بالمؤلفات والكتب التاريخية مؤلفات المؤرخين وعلماء الرجال الذين سبقوا ابن الفرضي، وكان لمؤلفاتهم علاقة قوية بموضوعه، وتمكن من الاطلاع عليها، وهذا النوع من المصادر شكل جزءاً كبيراً من مصادره في كتابه تاريخ العلماء، كما يستوحى ذلك من مقدمته، ويبدو واضحاً لمن يقرأ الكتاب، وكان من أهم من أفاد منهم في هذا المجال ما يلي:

1. أبو عبد الله محمد بن حارث بن راشد الخشني القيرواني، عاش السنوات الأولى من حياته بالقيروان ثم رحل إلى الأندلس صغيراً وعمره دون الثانية عشرة وبها طلب العلم،وقد وصفه ابن الفرضي بالعلم والقدرة على الفتيا ([178])، كما أشاد به عدد من المؤرخين إذا قال عنه الحميدي: (محمد بن حارث من أهل العمل والفضل) ([179]) وأثنى عليه الذهبي ([180]) وابن عميرة ([181]) وغيرهم.

له عدد من المؤلفات، فقد أشار الحميدي إلى أنه جمع كتاباً في (أخبار القضاة بالأندلس) وكتاباً في (أخبار الفقهاء والمحدثين) وكتاباً في (الاتفاق والاختلاف لمالك بن أنس وأصحابه) ([182]). كما قال ابن الفرضي بلغني أن الخشني (صنف للمستنصر مائة ديوان، وقد جمع له من رجال الأندلس كتاباً قد كتبنا منه في هذا الكتاب - يعني تاريخ العلماء - ما نسبناه إليه) ([183]). وكتاب الخشني هذا غير موجود الآن، ولكن ابن الفرضي أعتمد عليه كثيراً، إذ نبه إلى أنه أخذ منه عشرات المرات في كتابه، و قد تفاوتت نقولاته منه، فأحياناً يذكر الخبر ثم يعقبه بقوله قاله أو ذكره ابن حارث ([184])، وأحياناً يقول: (قال ابن حارث) ([185]) أو في كتاب ابن حارث ([186]) أو ذكر ابن حارث في كتابه ([187])، ثم يذكر بعد ذلك نصاً أو خبراً لابن حارث، وقد يقول قرأت ذلك من كتاب ابن حارث بخطه ([188])، أو ذكره ابن سعدان عن ابن حارث ([189])، أو ذكره ابن حارث عن ابن سعدان ([190])، هكذا تعددت طرق إحالات ابن الفرضي على ابن حارث بحسب اطلاعه عليها في كتابه، ولا شك أن هذا التعدد يدل على دقته في التعامل مع مصادره، وبالرغم من كون ابن الفرضي قد نقل كثيراً من الخشني إلا أنه فيما يبدو لم يكن يأخذ بما يذكره، أو يقول به مطلقاً، بل ربما كان قوله مرجوحاً أحياناً، أو قد يحتاج إلى دليل، والأدلة على ذلك كثيرة ومنها أنه حينما ذكر قول الخشني في عبد الله بن مسرّة ذكر معه أقوال عدد من المؤرخين بعضهم يعد من المجاهيل حيث قال: (وقرأت في بعض الكتب أن عبد الله بن مسرة رحل إلى المشرق) ([191]) ومن الأدلة - أيضاً - قوله حينما تحدث عن يحيى بن معمر بن عمران بن منير: (وحكى ابن حارث: أن الأمير عبد الرحمن استقضاه مرة ثانية، وهو صحيح والدليل عليه: أن يحيى بن معمر صلى بالناس صلاة الكسوف بقرطبة سنة ثمان عشرة في مسجد أبي عثمان وهو قاض) ([192]) هذا وقد أفاد ابن الفرضي من الخشني كثيراً، وفي مواضع متعددة شملت السير الذاتية، والنزعات العلمية، وتاريخ المولد والوفاة، والشيوخ، والرحلات العلمية، وغيرها من جزئيات تاريخ علماء المسلمين بالأندلس ([193]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير