تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحينما يكون الخبر أخذه عن طريق يحيى العائذي، فإنه يوضح ذلك بقوله: (وأخبرنا يحيى بن مالك العائذي قال: نا أبو صالح قال: نا أبو سعيد …) ([240])، ثم يذكر الخبر بعد ذلك، أو (حدثنا أبو زكريا العائذي قال: حدثنا أبو صالح الحراني قال: نا أبو سعيد الصدفي) ([241])، أو (أخبرنا العائذي قال: نا أبو صالح الحراني قال: نا أبو سعيد الصدفي في تاريخ المصريين قال …) ([242])، ثم يذكر الخبر، أو من كتاب أبي سعيد أخبرني به العائذي ([243])، وقد سلك نفس المنهج مع محمد بن أحمد القاضي حيث يقول: (وأخبرني محمد بن أخمد الحافظ قال: قال لنا أبو سعيد …) ([244])، ثم يذكر الخبر، أو ذكره أبو سعيد أخبرني بذلك عنه محمد بن أحمد القاضي ([245])، أو (أخبرنا القاضي محمد ابن أحمد قال: نا عبد الرحمن بن أحمد بن يونس،) ([246]) ثم يذكر الخبر، أو (أخبرني محمد بن أحمد عن أبي سعيد قال ([247]).

هكذا تعددت صيغ الرواية عند ابن الفرضي فيما أخذه عن أبي سعيد، ولا شك أن إلمامه بعلم الحديث ومناهجه، هي التي جعلته يملك هذه الطرق، وتلك الأساليب في التعامل مع الرواية التاريخية، وقد أفاد ابن الفرضي من أبي سعيد معلومات تتعلق بالنسب ([248])، والمولد، والنشأة ([249])، والشيوخ، وطلب العلم والرحلات العلمية ([250])، والسماع من الشيوخ ([251]) وكذلك الوفاة، مكانها وتاريخها ([252]).

ومما تميز به هذا المصدر من مصادر ابن الفرضي عن غيره من المصادر التاريخية أنه أورد تراجم مطولة لعدد من ولاة الأندلس، وعلمائه؛ مثل حنش بن عبد الله الصنعاني ([253]) والسمح بن مالك الخولاني ([254])، وعبدالعزيز بن موسى بن نصير ([255])، وعبد الله بن يزيد الحبلي ([256]) وغيرهم من القادة والعلماء المتقدمين، حيث يعد ما ذكره ابن الفرضي عنهم إضافة مهمة لهؤلاء الأشخاص الذين تعاني المصادر التاريخية من شح واضح في أخبارهم.

5. الرازي

قال ابن الفرضي حينما تحدث عن مصادره في كتابه هذا: (وما كان فيه عن الرازي فإن العائذي أخبرنا به عنه) ([257]) لكنه لم يذكر اسم هذا المؤرخ الذي أفاد منه هل هو أبوبكر أحمد بن محمد الرازي أو ابنه عيسى بن أحمد بن محمد الرازي وكلاهما ممن اهتم بالتاريخ الأندلسي، وعاصر ابن الفرضي، أما أحمد فهو: أبوبكر أحمد بن محمد بن موسى بن بشير الرازي والمولود بالأندلس سنة 274 هـ حيث سمع من قاسم بن أصبغ وأحمد بن خالد وغيرهما، وكان كثير الرواية حافظا للأخبار ([258])، وله مؤلفات كثيرة في أخبار الأندلس وتواريخ دول الملوك فيها ومنها أخبار ملوك الأندلس، وهو كتاب كبير اعتمد عليه عدد من المؤرخين كابن حيان، وابن الأبار، وابن سعيد،وغيرهم وكتاب في صفة قرطبة وخططها ومنازل الأعيان فيها، وكتاب ثالث اسمه الاستيعاب عن أنساب مشاهير أهل الأندلس، وكتاب رابع في جغرافية الأندلس، وخامس في أعيان الموالي بالأندلس ([259]) وقد فقدت هذه المؤلفات ولم يبق منها سوى ما نقله لنا عدد من المؤرخين اللاحقين له.

وأما عيسى فهو: ابن أحمد بن محمد الرازي المذكور أولاً (وقد انشغل بكتابة التاريخ حيث ألف كتابا اسمه (الحجاب للخلفاء بالأندلس) ([260])، كما ألف كتابا آخر في تاريخ الأندلس ويرى الدكتور محمود علي مكي أنه قد يكون أكمل بهذا الكتاب كتاب والده أحمد ([261]).

وما ذكره ابن الفرضي في مقدمة كتابه عن المصادر، وكذلك إحالاته على الرازي في ثنايا كتابه، لم تصرح هل المقصود أحمد أم ابنه عيسى؟

كما لا يوجد من خلال الإحالات ما يدل صراحة على أي منهما على وجه التحديد، ولكن ومن خلال استقرائنا لما كُتب عن الرجلين، وما ذكره ابن الفرضي في إحالاته على الرازي يمكن أن نرجح أن يكون المقصود به هو الأب أحمد بن محمد، وقد بدا لنا هذا الترجيح من خلال المؤشرات التالية:

1. أن الأب أحمد بن محمد كان أشهر من ابنه عيسى؛ إذ أنه علم من أعلام التاريخ الأندلسي، فلعل ابن الفرضي اكتفى بشهرته عن التصريح باسمه، كما يفعل بعض المؤرخين ومن بينهم ابن حيان، وابن الأبار؛ إذ كانا أحيانا يكتفيان بقول: قال الرازي مع أنهما يقصدان أحمد وليس عيسى، كما يبدو هذا واضحا من خلال ما يذكرانه من أخبار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير