تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد جعل العقل حجة عنده، فتراه يقدمه على النقل بدعوى التعارض بينهما، بل تراه يستخدمه في مجالات لا يُقبلُ فيها نقد العقل، كبعض الأحاديث الصحيحة الواردة في حق بعض الأنبياء، فهو يفندها من جهة العقل فحسب.

وقد استفاد في الوجوه البلاغية من تفسير الزمخشري على وجه الخصوص، لذا تراه يشقِّق سطرًا مضغوطًا بالمعلومات عند الزمخشري فيجعله في مسائل يبسط فيها البحث.

ومما ظهر في كتابه غير الأمور العقلية والفلسفية وبحوث العلوم التجريبية ما يأتي:

1 ـ الاعتناء بعلم المناسبات.

2 ـ الاستنباط في جميع المجالات.

3 ـ ذكر الملح واللطائف التفسيرية.

4 ـ العناية بجانب البلاغة القرآنية.

وهذا الكتاب من الكتب التي تحتاج إلى الاختصار الذي يقرِّبها للقارئ، ويبعد ما فيها من الاستطرادات العلمية التي لا تفيد جمهور القراء، والتي قد تكون مخالفة للاعتقاد. والله الموفق.

قال السائل: تناقش الإخوة في الملتقى حول صحة نسبة الكثير من تفسيرات ابن عباس (رضي الله عنهما) إليه، وخصوصاً تلك التي من طريق علي بن أبي طلحة عنه. فما قول فضيلتكم في ثبوت التفسير عنه؟

إن السؤال عن تفسير علي بن أبي طلحة يدخل في منظومة موضوع عامٍّ، وهو أسانيد روايات التفسير.

ومما قد لا يخفى أن التفسير قد نُقِلَ بروايات يحكم علماء الحديث عليها بالضعف أو ما هو أشد منه، لكن الذي قد يخفى هو كيفية تعامل هؤلاء العلماء مع هذه الروايات في علم التفسير.

ولتصوير الحال الكائنة في هذه الروايات، فإنك ستجد الأمر ينقسم بين المعاصرين وبين السابقين.

فالفريق الأول: بعض المعاصرين يدعو إلى التشدد في التعامل مع مرويات السلف في التفسير.

والفريق الثاني: جمهور علماء الأمة من المحدثين والمفسرين وغيرهم ممن تلقَّى التفسير واستفاد من تلك الروايات، بل قد اعتمدها في فهم كلام الله.

هذه صورة المسألة عندي، والظاهر أن الاستفادة من هذه المرويات، وعدم التشدد في نقدها إسناديًا هو الصواب، وإليك الدليل على ذلك:

1 ـ أنك لا تكاد تجد مفسرًا من المفسرين اطرح جملة من هذه الروايات بالكلية، بل قد يطرح أحدها لرأيه بعدم صحة الاعتماد عليها، ومن أشهر الروايات التي يُمثَّل بها هنا رواية محمد بن مروان السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.

2 ـ أن المفسرين اعتمدوا اعتمادًا واضحًا على هذه المرويات، سواءً أكانوا من المحررين فيه كالإمام الطبري وابن كثير، أم كانوا من نَقَلَةِ التفسير كعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

وهؤلاء قد أطبقوا على روايتها بلا نكير، مع علمهم التام بما فيها من الضعف.

ولا يقال كما قد قال من قال: إن منهج الإمام الطبري في هذه الروايات الإسناد، وإن ليس من منهجه الصحة اعتمادً على قاعدة من أسند فقد أحالك.

ففي هذه المقولة غفلة واضحة عن منهج الإمام الطبري الذي لم ينصَّ أبدًا على هذا المنهج في تفسيره، والذي اعتمد على هذه المرويات في بيان معاني كلام الله، وفي الترجيح بين أقوال المفسرين، ولم يتأخر عن ذلك إلا في مواضع قليلة جدًّا لا تمثِّل منهجًا له في نقد أسانيد التفسير، أعني أنَّ الصبغة العامة رواية هذه الآثار والاعتماد عليها في بيان كلام الله.

وقس على الإمام الطبري غيره من المفسرين الذين اعتمدوا هذه المرويات في التفسير.

3 ـ أنَّ أئمة المحدثين لهم كلام واضح بين في قبول هذه الروايات واحتمالها والاعتماد عليها؛ لأنهم يفرقون بين أسانيد الحلال والحرام وأسانيد غيرها من حيث التشديد والتساهل، ونصوصهم في ذلك واضحة، ومن ذلك:

قال عبد الرحمن بن مهدي:» إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال = تساهلنا في الأسانيد، وتسامحنا في الرجال. وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام = تشدَّدنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال «().

وقد انجرَّ هذا التَّساهل على روايات التفسير، فاحتملوا قومًا معروفين بضعفهم في نقل الحديث، فقبلوا عنهم ـ من حيث الجملة ـ رواياتهم، قال يحيى بن سعيد القطان:» تساهلوا في التفسير عن قومٍ لا يوثِّقونهم في الحديث، ثمَّ ذكر ليث بن أبي سليم، وجويبر بن سعيد، والضحاك، ومحمد بن السائب؛ يعني: الكلبي.

وقال: هؤلاء يُحمد حديثهم (كذا، ولعل الصواب: لا يحمد)، ويُكتب التفسير عنهم «().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير