تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لما سلسل الشيطان في شهر رمضان، و خمدت نيران الشهوات بالصيام انعزل سلطان الهوى و صارت الدولة لحاكم العقل بالعدل، فلم يبق للعاصي عذر.

يا غيوم الغفلة عن القلوب تقشعي،

يا شموس التقوى و الإيمان اطلعي،

يا صحائف أعمال الصائمين ارتفعي،

يا قلوب الصائمين اخشعي،

يا أقدام المتهجدين اسجدي لربك و اركعي،

يا عيون المجتهدين لا تهجعي،

يا ذنوب التائبين لا ترجعي،

يا أرض الهوى ابلعي ماءك و يا سماء النفوس أقلعي،

يا بروق العشاق للعشاق المعي،

يا خواطر العارفين ارتعي،

يا همم المحبين بغير الله لا تقنعي،

قد مدت في هذه الأيام موائد الإنعام للصوام فما منكم إلا من دعي: (يا قومنا أجيبوا داعي الله) و يا همم المؤمنين أسرعي، فطوبى لمن أجاب فأصاب، و ويل لمن طرد عن الباب و ما دعي "

أخلاق الصائمين

ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " الصيام جُنة فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها "

ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " لا تساب وأنت صائم، فان شتمك أحد فقل: إني صائم، وان كنت قائما فاقعد، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك "

الصيام نصف الصبر

ـ عن جرير النهدي عن رجل من بني سليم قال: " عَدهُن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في يدي أو في يده: التسبيح نصف الميزان، والحمد يملأه، والتكبير يملأ ما بين السماء والأرض، والصوم نصف الصبر، والطهور نصف الإيمان "

" وإنما سمي الصيام صبرا لأن الصبر في كلام العرب الحبس، والصائم يحبس نفسه عن أشياء جعل الله تعالى قوام بدنه بها، وسمي الصبر ضياء لأن الشهوات إذا انقمعت به وانجلى عن القلب الظلام الغاشي إياه باستيلاء الشهوات على النفس، نظر مواضع النفع له من عبادة الله تعالى فآثرها وابتدر إليها ومواضع الضر الذي يلحق من معاصي الله فاعتزلها وكف عنها، وقد سماه في خبر آخر نصف الصبر "

" قال الحليمي ـ رحمه الله ـ: وهذا ـ والله أعلم ـ على أن جماع العبادات فعل أشياء وكف عن أشياء، والصوم يقمع الشهوات، فيتيسر به الكف عن المحارم وهو شطر الصبر، لأنه صبر عن الشهوات، فيتيسر به الكف عن المحارم وهو شطر الصبر، لأنه صبر عن الشهوات، ويبقى وراءه الصبر عن المشاق وهو تخلف الأفعال المأمور بها، فهما صبران: صبر عن أشياء، وصبر على أشياء والصوم يعين على أحدهما (وهو الصبر عن الشهوات)، فهو إذا نصف الصبر، ومنها أنه سماه 0 (فرضا مجزيا)، وفي خبر آخر (زكاة)، ويرجع معناهما إلى أنه ينقص من قوة البدن وينحل الجسم فيكون الصائم كأنه أخرج شيئا من جسده لوجه الله وهو يجزيه به "

قال ابن رجب: " و الصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، و صبر عن محارم الله، و صبر على أقدار الله المؤلمة.

و تجتمع الثلاثة في الصوم فإن فيه صبراً على طاعة الله، و صبراً عما حرم الله على الصائم من الشهوات، و صبراً على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع و العطش و ضعف النفس و البدن، و هذا الألم الناشىء من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه كما قال الله تعالى في المجاهدين: (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين) "

ـ سعيد بن عامر قال كان صالح المري يدعو اللهم ارزقنا صبرا على طاعتك وارزقنا صبرا عند عزائم الأمور "

أجر الصوم يخرج عن ميزان التقدير

ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " إن ربكم يقول: كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والصوم لي وأنا أجزي به، الصوم جُنة من النار

ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وإن جهل على أحدكم جاهل وهو صائم فليقل: إني صائم "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير