تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- الإصراف: وهو فرع من الإقواء، خاصة إذا اختلفت حركة الروي (المجرى) في قصيدة واحدة بين الفتح والضم. لا الكسر والضم. وهي تسمية تبناها أبو العلاء المعري. ولعل هذا التعدد في وصف الشيء الواحد والموقف الواحد ذي المضمون الواحد لمما يزيد من تعميق الهوة وإخلال الفهم لدى القارئ. وأظنه "إسراف" وليس "إصراف".

- الإكفاء: والإكفاء هو اختلاف حرف الروي في قصيدة واحدة، ويقع غالبا في الحروف المتقاربة المخارج، كقول الشاعر:

قُبِّحت من سالفة ومن صُدُغْ

كأنها كُشْية ضبّ في صُقُعْ

- الإجازة: والإجازة كالإكفاء، والفرق كائن في تقارب حروف الروي وتباعدها في المخرج.

- السناد: وفي العرف اللغوي نجد أن السناد هو الاختلاف وعدم الائتلاف. وفي ما تواضع عليه الاصطلاحيون أن السناد هو مجموعة من العيوب تتعلق بحروف وحركات ما قبل الروي. وهي خمسة عيوب:

1 - سناد الردف: وهو التغيير المتعلق بحرف الردف ذاته، حيث قال العروضيون إن سناد الردف هو أن يجيء بيت مردوفا وبيت غير مردوف. كما في قول عبد الله بن معاوية ابن جعفر:

إذا كنت في حاجة مرسلا == فأرسل حكيما ولا توصهِ

وإن باب أمر عليك التوى == فشاور لبيبا و لا تعصهِ

2 - سناد التأسيس: وهو أن يتعاقب ألف التأسيس في القصيدة بين الوجود والعدم، أي بين أن تجد البيت مؤسسا والبيت الموالي غير ذاك.

3 - سناد الحذو: إذ هو التغيير المتعلق بحركة ما قبل الردف، والردف كما نعلم حرف مد وقع قبل الروي مباشرة. لذا عرفوا سناد الحذو بقولهم: هو أن تكون الحركة ضمة مع فتحة، أو كسرة مع فتحة. كما الحروف المشكَّلة في كلمات: "وينحنِينا" و"غضُونا" و"جرَينا" على التوالي في إحدى نونيات عمرو بن كلثوم.

4 - سناد التوجيه: هو التغيير المتعلق بحركة ما قبل الروي المقيد.

5 - سناد الإشباع: وهو التغيير المتعلق بحركة الدخيل، أي أن تكون حركة الدخيل ضمة أو كسرة، وتكون فتحة في بيت آخر. كقول الشاعر:

يا نخل ذات السدر والجراوِل

تطاولي ما شئت أن تطاوَلي

والاختلاف هنا بين كسرة الواو في الجراول وفتحة الواو في تطاولي. وللتذكير فإن الدخيل هو الحرف الواقع بين الروي وألف التأسيس.

- التحديد: والتحديد اختلاف أضرب الشعر، بين فعِلن في ضرب المديد إذا وقع معها فَعْلُن مثلا، وكذا فعِلُن مع فعْلُن في البسيط التام.

- الإيطاء: أما الإيطاء فهو أن تتكرر القافية في القصيدة الواحدة بمعنى واحد، وإن كانا بمعنيين لم يكن إيطاءً. وللتمثيل على عيب الإيطاء أدرج أبو شوارب بيتين مختلفين من حيث موقعُهما داخل القصيدة وهما للنابغة:

أواضع البيت في سوداء مظلمة == تقيد العير لا يسري بها الساري

لايخفض الرِّزَّ عن أرض ألم بها == و لايضل على مصباحه الساري

- التضمين: هو أن يبقى معنى البيت معلقا بمعنى البيت الذي يليه، فلا يتم الأول إلا بوجود الثاني كقول النابغة:

وهم وردوا الجفار على تميم == وهم أصحاب يوم عكاظ إني

شهدت لهم موارد صادقات == شهدن لهم بصدق الود مني

وهذا مما كان شائعا في التراث الشعري القديم، لكن أحفاد الشعر المعاصر علقوه تعليقا، بل ورفضوه حتى لا يطأ معنى القصيدة وبؤرتها الدلالية.

سابعا: نظام القافية في الشعر الحديث

إن أهم ما حققه شعراء النزعة الذاتية أن ربطوا القافية بالمعاني الجزئية داخل قصائدهم. ولو ربطوها بالموضوع الموحد للزمهم الحفاظ عليها وعلى وحدتها كما صرح به أحمد المعداوي في كتابه ظاهرة الشعر الحديث.

لذلك فإن من أول أهداف حركة الشعر الحر تفتيت الوحدة الموسيقية القديمة التي تتمثل في نظام البيت وتعويضه بنظام القصيدة.

- تفتيت نظام البيت: إن مسألة تفتيت البيت الشعري وإخضاعه طولا وقصرا لحركة المشاعر والأفكار، لمما تُوجب النظر في صيغة توارد حرف الروي وضرورة إيقافه لحظة إطلاق العنان للدفقة الشعورية للشاعر العربي الحديث الذي لم يعترف ولن يعترف بالحدود ولا بالقيود التي كبلته بها نظم القافية بالمفهوم القديم. إلا أن الذي ينبغي الإشارة إليه أن هذه الحرية لم تلغي النظام القائم ولم تخلق في ذاته وقوامه خللا معيبا. لذلك أضحت القافية في زمن هذا الشعر الحر وقفة اختيارية لا إجبارية، وحلت المشاعر والأحاسيس محل الماديات والموضوعات.

ولاريب أن تسمى الوقفة هنا وقفة عروضية لا دلالية كما يتضح لك ذلك في السطور التالية لفواز عيد من قصيدته "الكلدان في المنفى":

أقدام طبول وحشيهْ

هاها ... عادوا

تتلفت بابل كالحبلى

فأول ما يلفت الانتباه في السطور الثلاثة غياب حرف الروي. وغيابه لايعني غياب الإيقاع أو الوقفة، بل حضورها وإن لم يظهر ماديا فعروضيا كائن وتام، حتى إذا قطعتها وجدتها على النحو التالي:

شييه - عادو - حبلى

\0\ 0 - \0\ 0 - \0\ 0

فعلن - فعلن - فعلن

- القافية واختلاف أضرب القصيدة: إن اختلاف أضرب القصيدة لمن شأنه ظاهريا أن يخلخل نظام الإيقاع والموسيقى فيها. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للمعداوي حين أثبت من خلال مقطع شعري لفدوى طوقان والذي التبس على نازك الملائكة حينما قالت إنه يحتوي على خطإ في القافية، وهو في الحقيقة غير ذلك. إذ اعتبرت أن: مستفعلان و فعول هما ضربا المقطع الذي تقول فيه طوقان:

كانت سرابا في سراب --- مستفعلان

كانت بلا لون، بلا مذاق--- فعول

واستنادا إلى حد القافية كما هو متعارف عليه عند علماء العروض، فإن القافية في المقطع هي: "راب" و "ذاق" على التوالي، وليس "باً في سراب"و"مذاق" كما كانت تتوهم نازك الملائكة.

- الجملة الشعرية: إن أهم ما يمكن أن يقال في هذه النقطة، كون الجملة الشعرية جملتان: جملة طويلة وأخرى متوسطة؛ وكلتاهما تتحكم فيهما الدفقة الشعورية التي تمتد فيهما امتدادا يشعرك بانتهاء الجملة.

فإن كانت طويلة فيكفي الشاعر أن يبث في صلبها بعض الوقفات التي تضيف إلى موسيقى الوزن موسيقى أخرى، يشيعها –حسب المعداوي- الصمت الذي يحدثه التوقف بين الحين والحين من خلال علامات الترقيم.

يبقى القول في النهاية، من أن هذا البحث ما هو إلا إطلالة موجزة جدا عما جادت به قرائح وأقلام فحول العروض واللغة حول مفهوم القافية كعنصر إيقاعي يحقق نوعا من التوازن والتوازي في بنية القصيدة العربية في كل أزمنتها.

هذا والله تعالى أعلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير