ـ[سمير العلم]ــــــــ[25 - 05 - 2008, 12:15 ص]ـ
أعظم الله أجركم،
ـ[سمير العلم]ــــــــ[25 - 05 - 2008, 12:38 ص]ـ
الأستاذ عيسى جرابا، بارك الله فيك، وجبر مصابك، وألهمك الصبر، ولا حرمك الأجر.
أبياتك يسربلها الحزن، ويخيم عليها ألم الفقد، ولا جرم، فأنت تبكي فقيدا لا يشبهه فقيد، وترثي حبيبا لا يعوضه حبيب، وعزاؤك أنها وفدت على كريم، وهو أرحم بها منك، وأقدر على أن يجزيها عنك خير الجزاء.
أخي الدكتور علي الحارثي: لا أدري لماذا أتحاشى أن أسترسل في قراءة رثاء الأمهات، فلا أمر بها إلا مستعجلا، علما بأنه قد كان ما خفتُ أن يكون، منذ سنين، فرحم الله والدَيّ، ووالِدِيكم، وجميع موتى المسلمين، آمين.
أستاذي: لقد أحسنت في تصوير حالة الفقد، وفداحة الرحيل، كما أحسنت في اقتراحك استبدال بعض المفردات بأخرى، وأقرُّك على استخدام لفظة (دمي)، فهي موحية بكثير من المعاني، ليس أولَها توهجُ حرارة اللوعة، ولا آخرَها احتواؤها على (جينات) الحبيب.
أستاذنا الناقد المبدع محمد الجهالين:
ربما اجتاحت عاصفةُ الحزن رونق الكلام، فذهبت به، أو بجُلِّه، وفَقَدَ المنشئُ بعض قدرته على التزويق والتحبير، فجاءت المعاني مجردة عارية إلا من الذهول. والشاعر يكتب بقلبه، وينقح بعقله، فإذا ورد على القلب ما يُذهل العقل، أصبح المبدع مهيأ لأن يقارف الاختلاف، و يأتي بما يبدو أنه تناقض، وفي رأيي أنه تصوير لحالات يمر بها الشاعر، أو تمر به، فتترك أثرها على قصيدته خطوطا تنسجم أحيانا، وتختلف أحيانا.
وانظر إلى الطُغَرائي في لاميته، فإنه -على تقدمه - يأتي بالمعنى ثم يناقض نفسه، وذلك عندما قال، داعيا إلى المغامرة، ناعيا على محبي السكون والدعة، كسلهم، ورضاهم بالقليل من المجد أو من المال:
حُبُّ السلامة يثني هَمّ صاحبهِ = عن المعالي ويُغْري المرءَ بالكسل
فإن جَنَحتَ إليه فاتخذْ نَفَقاً = في الأرضِ أو سُلَّماً في الجوّ فاعتزل
ودَع غِمارَ العُلا لِلمُقدِمينَ على = رُكوبها واقتنع منهنَّ بالبللِ
رضى الذليل بخفض العيش مَسكنَةٌ = والعزُّ تحت رَسيم الأينُقِ الذُّلُل
ثم يقول بعد ذلك، داعيا إلى السكون، والرضى بالقليل، والإحجام عن المغامرة:
يا وارداً سُؤْرَ عيشٍ كلهُ كدرٌ = أنفَقتَ صفوَكَ في أيامكَ الأولِ
فيمَ اقتحامكَ لُجَّ البحر ترْكبهُ = وأنتَ يكفيكَ منهُ مَصّة الوَشل
مُلكُ القناعةِ لا يُخْشى عليهِ ولا = يُحتاج فيه إلى الأنصارِ والخَول
أما أبو التناقض - في رأيي - فهو ابن الرومي، فإنك تجده في قصيدته البائية:
دعِ اللومَ، إن اللومَ عونُ النوائِب = ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ
يعترف بتناقضه واضطرابه، ويحلل نفسه كأنه طبيب نفسي، فيبتدئ بالمعنى الذي انتهى إليه الطغرائي وهو الدعوة إلى السكون، والرضى والقناعة بالقليل، ولكنه يحلل ويعلل، ويلم بالصراع الذي في داخله، الناشئ عن التردد بين فقر تزينه السلامة ولذة الكسل، وبين غنى تشينه مكابدة الأسفار ومشقة العمل.
يقول:
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنىً = من الشوكِ يزهدْ في الثمار الأطايبِ
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى = إليَّ وأغراني برفض المطالبِ
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ = وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ
ثم يوغل في تحليل نفسه المضطربة:
حريصاً، جباناً، أشتهي ثم أنتهي = بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ
ومن كان ذا حرص وجبن فإنه = فقير أتاه الفقر من كل جانبِ
وماذا يفعل إذا تنازعته رغبتان قويتان: الإقدام والإحجام.
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما = قويٌ، وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ
فقدمتُ رجلاً رغبةً في رغيبةٍ = وأخّرتُ رجلاً رهبةً للمعاطبِ
إنه خوف الفشل ورجاء النجاح، والله وحده هو العليم بالعواقب.
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها = وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ
لا أعرف ماذا أفعل؟ ولكني قد أُقدم إذا أخبرني أحدٌ بنهاية أمري، ومآل سعيي، فليخبرني الآن قبل أن أنطلق .. ولكن هيهات، فالنهايات لا تكون إلا بعد البدايات.
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي؟ = ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ؟
هذا شأن البشر، والشعراء منهم، ولعل ذلك يقوم دليلا على ضعف الطبيعة البشرية، أمام القدرة الإلاهية، فيزداد المؤمن إيمانا بالله، وفقرا إليه، وخضوعا لسلطانه، وشعورا بالذل التام، أمام عز الله الذي لا يضام.
ـ[عيسى جرابا]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 12:32 ص]ـ
قصيدة صامتة ناطقة شاعرنا الكريم جرابا، بارك الله لك هذا النظم ورحم الله الفقيدة وأسكنها الجنة.
مرحبا بك أخي أحمد
وأشكرك من القلب على التعزية والدعاء
لا حرمك الله أجرهما
رحم الله أمي وغفر لها وأسكنها الفردوس الأعلى
تحياتي
ـ[عيسى جرابا]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 12:37 ص]ـ
غفر الله لها وأسكنها فسيح جناته , وأبقاكم لها ولدا صالحا يدعو لها ما حييتَ ..
ثم إننا نرحب بك شاعرا كبيرا قديرا في الفصيح , وإن كنا ضيوفا على فصيح عريق كما أنتم ..
بقراءة رثاء الغالية وجدت الكسر قاسما مشتركا فيها , ولكن لا غرابة؛ حيث رحيلها أعنف انكسار , وأعتى منخفَض ٍ يهزُّ أجواءنا ..
ذكرتني برائعة أستاذنا الدكتور العايد:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=32640
غفر الله لوالدينا أحياء وأمواتا , وشفى الأحياء منهم ومتعم بالصحة والرضا والثبات ..
اللهم آمين
شكرا لك أخي الحبيب
أسأل الله ألا يحرمك الأجر وألا يفجعك بحبيب
ورحم أمي وغفر لها
تحياتي
¥