[اعتبارات في ترجمة المصطلحات]
ـ[علاء زين الدين]ــــــــ[23 - 11 - 2009, 04:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله،
لكل مجال من المجالات (مثل الشريعة أو العقيدة أو القانون أو الأدب أو الطب أو النفط والطاقة أو المعدات الطبية إلخ) مصطلحات خاصة به. ويحدد هذا المجال سياق النص الأصلي والنص المترجم، وفي هذا السياق تتحدد معان المصطلحات. ومن أهم وظائف الترجمة الوصول إلى مصطلحات في اللغة المترجم إليها تعبر عن المعنى المراد وفق النص الأصلي وتجد قبولاً بين الناس، وخاصة بين أهل المجال المعين الذي يحدد سياق النص.
تعبر أي كلمة عن معنى لغوي أصلي في اللغة ثم يمكن أن تستعار هذه الكلمة لتوظيفها في سياق أو أكثر حيث تُستخدم كمصطلح يدل على معان غير مطابقة بالضرورة للمعنى الأصلي وإن كان يحمل شيئاً منه.
ومن الممكن أن تستخدم نفس الكلمة كمصطلح يختلف معناه وفق اختلاف السياق. ومثال ذلك كلمة "السنة" في الشريعة الإسلامية. فالسنة في اللغة هي الطريقة أو العادة، وكما نعلم فمعنى المصطلح الشرعي يختلف مع اختلاف السياق، فإن كان السياق هو مصادر الشريعة فالسنة هي السنة النبوية بما فيها من أوامر ونواهٍ ومندوب ومكروه ومباح وهي في هذا السياق قرينة الكتاب عند ذكر "الكتاب والسنة". وإن كان السياق هو أنواع الصلوات فالسنة هي صلاة جائزة غير الصلوات المكتوبة. وحتى في نفس سياق الصلوات غير المكتوبة إذا ذكرت صلاة السنة فالمقصود سنة راتبة -كسنة الظهر- في مقابل غير ذلك من النوافل. ومثل ذلك الكثير من الألفاظ (مثل الإيمان والإسلام والزكاة والربا والطهارة) التي استعيرت من لفظ له معنى في أصل اللغة لتصبح مصطلحاً يعبر عن معنىً آخر محدد في سياق معين، وقد يختلف معنى نفس المصطلح من سياق إلى آخر.
وكذلك في مجالات الحياة المختلفة تستعار الألفاظ لتصبح مصطلحات في مجال معين، والعبرة تكون بالمعنى الذي يصطلح عليه أهل هذا المجال. فهناك مصطلحات تشيع وأخرى لا تنتشر.
هنا يأتي دور المترجم. فعلى المترجم أن يبحث أولاً عن المصطلح الشائع المتعارف عليه قبل أن يبتدع مصطلحاً جديداً ليترجم المصطلح الأجنبي وإلا تعددت المصطلحات المختلفة لترجمة كلمة واحدة. فإن لم يجد مصطلحاً مناسباً، عليه أن يبحث في اللغة عن معانِ تعبر في إيجاز عن معنى اللفظ الأصلي مع اعتبار سلاسة النطق وإمكانية القبول لدى القارئ وغير ذلك من الاعتبارات التي تساعد على إرساء المصطلح الجديد. ثم يختار من بين مشتقات اللفظ ما يناسب المعنى والسياق والقبول. وإن تعذر ذلك فقد يضطر المترجم إلى صياغة معنى المصطلح في عبارة قصيرة، وهو بذلك يخاطر بعدم قبول المصطلح بين أهل المجال المعنيّ –مما يؤدي إلى اقتباس أهل المجال لكلمة أعجمية بدلاً من المصطلح المطروح–. وإن تعذر ذلك، يضطر المترجم إلى تعريب كلمة أجنبية كما في حالة اشتقاق كلمة "التلفاز" من اللفظ اللاتيني "تلفزيون". وإذا تعذر ذلك كله يصبح الحل الأخير هو اقتباس الكلمة الأجنبية كما هي، ومثال ذلك لفظ "الإنترنت" الشائع، وكذلك البايت والميجابايت والمتر والكيلومتر والثرموس إلخ. وتعيق كثرة هذه الحالات الأخيرة انتشار العلوم الجديدة وقبول مصطلحاتها بين عامة المتحدثين بالعربية.
وهنا يمكن ذكر بعض حالات النجاح والفشل المعروفة. فمن المصطلحات الناجحة لتعبيرها عن المعنى وسهولة قبولها بين المستخدمين لفظ "الهاتف" ولفظ "السيارة". أما لفظ "التلفاز" فيعد من حالات التعريب الناجحة حيث أمكن تصريفه إلى حد ما (تلفزة، حديث مُتلفز)، وقبول هذا اللفظ دليل على فشل العبارات العربية التي أصدرتها بعض الهيئات مثل "الشاشة المرئية" التي لم يستسغها أكثر الناس. ثم من أمثلة الفشل الشهيرة عبارة "شاطر ومشطور وبينهما طازج" لترجمة "السندوتش"، والمفارقة هنا هي الاستعانة بعبارة طويلة ثقيلة لترجمة لفظ يدل على وجبة سريعة خفيفة ثم تمني أن يقبل الناس هذه الترجمة فكان اللفظ الأجنبي أحب إلى الناس من هذه العبارة الغريبة. ومن أمثلة الفشل الحديثة شيوع لفظ "الإنترنت" على حساب عبارة "الشبكة العنكبوتية" لثقل هذه العبارة الأخيرة. ولا يعني ذلك فشل كل مصطلح جديد يُعبر عنه بعدة كلمات، فقد تقبل المستخدمون مصطلح "البريد الإلكتروني" بدلاً من "الإيميل" عند الكتابة بالفصحى. ورغم أن المصطلح يحتوي على كلمتين لكن يبدو أنه وجد ألفة بين الكتاب أكثر من اللفظ الأجنبي "إيميل". ولو أنه قد يفوتنا أن لفظ "إلكتروني" نفسه مصطلح أجنبي مُعرَّب.
وبعد فهذه نبذة عن العلاقة بين الكلمة في اللغة واستخدامها كمصطلح في مجالات مختلفة أرجو أن تكون بينت لنا بعض الاعتبارات التي تؤثر على ترجمة المصطلحات. والجدير بالذكر أن ترجمة العبارات والجمل والنصوص تخضع لاعتبارات مختلفة.
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[23 - 11 - 2009, 08:55 ص]ـ
هنا يأتي دور المترجم. فعلى المترجم أن يبحث أولاً عن المصطلح الشائع المتعارف عليه قبل أن يبتدع مصطلحاً جديداً ليترجم المصطلح الأجنبي وإلا تعددت المصطلحات المختلفة لترجمة كلمة واحدة.
جزاك الله خيرا أخي علاء.
مشاركة متميزة.
سلمت يداك.
¥