[الترجمة الإبداعية]
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[23 - 11 - 2009, 10:40 م]ـ
الترجمة الابداعية
أولا: مستويات اللغة
يقسم اللغويون مستويات اللغة إلى أربعة مستويات:
1. المستوي الصوتي: وفي ذلك يرون أن الأصوات لها دلالات نفسية وإيحائية، فيربطون بين الحروف الصفيرية كالسين والصاد والزاي بمعان مثل الخلسة والدس، فنراها في كلمات مثل "جاسوس، يستر…"، في الإنجليزية مثل spy, sneak….
2. المستوى اللفظي: ويعتبر تحليل اللفظ من أخطر قضايا الترجمة، سواء في فهمه أو في إيجاد المقابل له. فمن جهة فهم اللفظ فهما جيدا يمكن لغير المتمكن من اللغة الوقوع في أخطاء فادحة، ولنأخذ مثلا لفظ "كافر" في البيت الثاني من البيتين:
يا ليل طل، يا شوق دم، إني على الحالين صابر
لي فيك أجر مجاهد، لو صح أن الليل كافر.
ويتساءل المرء، ما علاقة الليل بالكفر والإيمان؟ ويزول اللبس حين نعرف أن فعل "كفر" هي في الأصل تعني الستر، وهو معنى قريب من cover في الإنجليزية. وبهذا الفهم فقط يمكن للمتلقي أن يشعر بالطرافة في استخدام "مجاهد"، في تحمل معاناة طول الليل مع "كافر".
وبناء على ذلك فإن من معاني "كافر" في اللغة العربية "زارع"، لأنه يكفر الحب في الأرض، وهو المعنى المقصور من الآية الكريمة: "كمثل غيث أعجب الكفار نباته".
3. المستوى الأجرومي: ويقصد به طريقة تركيب الجملة، كأن تكون مبنيا للمجهول أو للمعلوم. وللمستوى الأجرومي أهمية في تحليل السياقات اللغوية المختلفة، فكثيرا ما نجد للسياق القانوني "مزاجا" أجروميا يختلف عنه في السياق الديني أو العلمي، وهكذا. ومن واجب المترجم أن يحاول الحفاظ على الطبيعة الأجرومية الغالبة للنص الذي يعالجه طبقا للغته هو وليس للغة المصدر.
4. المستوى الدلالي: ويقصد به المعاني التي يحملها النص، وليس من شك في أن تحليل الألفاظ هو الخطوة الأولى في الوصول للمعنى المقصود، ولكن الأمر أوسع من ذلك، فقد يكون المترجم فاهما لمعنى الألفاظ، ولكنه غير واع لما تحمله من دلالات أكثر عمقا من المعاني المباشرة، ولنتتبع على سبيل المثال دلالات عبارة "صلي على النبي" في المواقف المختلفة:
• معنى ديني مباشر،
• افتتاحية للحديث (كأن تكون بداية لرواية حكاية)،
• للصلح بين متشاجرين،
• للتعبير عن الإعجاب.
ثانيا: ترجمة المعنى Semantic Translation والترجمة التواصلية Communicative Translation
حين يصوغ كاتب نصا علميا أو قانونيا، فإن الخيارات المتاحة أمامه للتعبير عن المعنى تكون محدودة للغاية، فكل لفظ يدل على معناه الاصطلاحي دلالة تامة. وفي هذا الحالة تكون الترجمة أمرا شبه آلي. أما حين يتدخل الإبداع في الصياغة، فإن الترجمة تأخذ أبعادا أخرى. فالكاتب المبدع لا يكتفي بالتعبير عن المعاني المباشرة، بل يحيطها بإيحاءات ودلالات خفية.
ومعنى الدلالة التواصلية هي ببساطة أن يضع المترجم قارئه في نفس الموقف النفسي والعقلي الذي يكون فيه قارئ النصل الأصلي. ويستغل الكاتب أحد المستويات اللغوية في حرفته الإبداعية، وهو أمر يجب على المترجم الكشف عنه لتحقيق نفس الغرض الذي وصل إليه الكاتب الأصلي. لنأخذ مثلا العبارة التالية، وقد وردت في رواية أدبية على لسان فتاة تشاهد قاتل والدها، والتي اشتركت في الإيقاع به، وهو مقبوض عليه: He must be sent to justice!
وتقودنا ترجمة المعنى إلى: "يجب أن يقدم للعدالة". على أن الترجمة التواصلية تؤدي بنا إلى ملاحظة ورود أربعة حروف صفيرية، وهو ما يوحي بما تحمله الفتاة إزاء قاتل والدها من تشفي. هذه الملاحظة إلى تفضيل الترجمة التالية: "يجب أن يرسل للقصاص".
ومن أطرف الأمثلة على استخدام الدلالة الصوتية تصور الموقف الآتي الذي جاء في أحد الأفلام المصرية: مجموعة من الفتيات بصدد خلع ملابسهن للنزول للبحر، فتقول إحداهن وهي تخلع رداءها: "حكموا علينا ما نقلعشي، ماحناش قالعين". ومن المهم ملاحظة أن الفتاة تنطق حرف القاف بصورته الفصحى، بل وبصورة مبالغة فيها، فما دلالة ذلك؟ من الواضح أن الفتاة تقصد السخرية ممن يتحدثون بهذه الطريقة، ولا يخفى على القارئ أنهم رجال الدين، وحين تترجم العبارة ترجمة تقتصر على المعنى المباشر يضيع عنصر السخرية، بينما هو المقصود الحقيقي من العبارة.
ثالثا: القابلية للترجمة
¥