بناء على قدر الخروج على المعنى المباشر لإحاطة المعنى بمؤثرات سيكولوجية تتراوح القابلية للترجمة من صفر (استحالة الترجمة) إلى مائة بالمائة (ترجمة كاملة)، وفيما بين الطرفين تتراوح القابلية للترجمة بحسب درجة الإبداع في النص.
وتكاد تكون الترجمة الكاملة مقصورة على النصوص العلمية الأكاديمية والنصوص القانونية المجردة. أما الترجمة المستحيلة فتكون في العبارات التي تقوم على التلاعب اللفظي، مثال ذلك العبارة: "دعوني فإني آكل العيش بالجبن". فلفظ "الجبن" يحمل تورية لا يمكن أن نجد لفظا في لغة أخرى يحملها.
رابعا: الأمانة الوظيفية Functional Fidelity والأمانة الشكلية Formal Fidelity
يدور نقاش حاد بين الأمانة في الترجمة كنقيض للإبداع فيها، ومن ثم فإن الترجمة الإبداعية كثيرا ما يشار لها على أنها خيانة، وهذا الرأي مؤسس على المنطق التالي:
• الأمانة في الترجمة تؤدي إلى ترجمة حرفية
• يتطلب الإبداع البعد عن الترجمة الحرفية
• إذن، الإبداع في الترجمة خيانة
وحلا لهذه الإشكالية التي تنقلب فيها الحقائق، فتوصم الصفة الإبداعية للمترجم بهذه التهمة الشائنة، اقترحت في مؤتمر التعريب الذي انعقد في 2001 بالمجلس الأعلى للثقافة مفهوم "الأمانة الوظيفية ومفهوم "الأمانة الشكلية". وهذه التفرقة مبنية على المنطق التالي:
• الترجمة ليست نشاطا يجري في برج عاجي، بل نشاط إنسان هادف.
• الأمانة الشكلية تعني الأمانة تجاه النص، ومن ثم تقوم على تصور انقطاع الصلة بين المترجم والقارئ
• الأمانة الوظيفية تعني تحقيق الهدف الذي من أجله تكون الترجمة.
ولنضرب لذلك مثلا، لنفرض أن شركة تنتج مواد التجميل النسائية، أصدرت نشرة دعائية لترويج منتجاتها، وتريد ترجمته في بلد شرقي.
من المحتمل جدا أن ما يسبب رواجا لهذه السلعة في المجتمعات الغربية يكون مستهجنا في المجتمعات الشرقية المحافظة. فلو أن المترجم تمسك بالأمانة بالمعنى الشكلي لبارت البضاعة، ولكان المترجم قد ارتكب خيانة إزاء عميله الذي طلب منه الترجمة. وعلى ذلك فإن الخيانة تكون مرتبطة بالأمانة الشكلية وليس الأمانة في الترجمة بصفة مطلقة.
وفي كتابه “ Becoming A Translator” ( المؤلف Douglas Robinson، الناشر Routledge)، جعل المؤلف الأمانة مع العميل – وهو نفس المعنى الذي أقصده من مفهوم الأمانة الوظيفية - عنصرا من عناصر ما أسماه "الاعتمادية reliability"، وضرب أمثلة مشابهة للمثال الذي ذكرته. ويقصد المؤلف بالاعتمادية كل ما يرفع ربح المترجم من حرفته، كاستخدام الأجهزة المتطورة والالتزام بالمواعيد، بالإضافة إلى تحقيق الغاية من الترجمة من وجهة نظر العميل، وهو المفهوم الذي أطلقنا عليه "الأمانة الوظيفية".
خامسا: المواءمة الحضارية Cultural Adaptation
يترتب على مفهوم الأمانة الوظيفية أن يقوم المترجم بعملية موائمة بين المعطيات الحضارية لمجتمعه وعناصر النص الذي يتصدى لترجمته.
فمن جهة قد لا يكون ما يتضمنه النص ملائما للقارئ المستهدف. لنفرض أن قصة أجنبية احتوت على عبارات تهاجم الدين الإسلامي، فهل يتمسك المترجم بالأمانة الشكلية فيثير قارئه بدلا من أن يمتعه. ومن جهة أخرى قد لا يكون الأسلوب الذي لجأ إليه الكاتب ليثير مشاعر معينة لدى قارئه غير مجدية لدى القارئ المستهدف، مثال ذلك أن تحتوي على ما يعتبر سبابا في المجتمع النص المراد ترجمته، ولا تعتبر كذلك في مجتمع القارئ المستهدف، فكلمة "ابن الكلب" مثلا لا يصلح مقابلا لها " son of the dog" حيث إن الكلب من الحيوانات المحببة في المجتمع الإنجليزي، ولا يتخذ مادة للتحقير، ولكن البديل المقبول هو الخنزير.
بل قد تختلف مدلولات الكلمة داخل مجتمع لغوي واحد، فكلمة "لبؤة" تستخدم لمديح النساء في المجتمعات العربية عدا المجتمع المصري، فهي كلمة تعتبر من قبيل السب المعاقب عليه قانونا. ويدلنا ذلك على أن القارئ المستهدف يجب أن يكون دائما في ذهن المترجم حين يقوم بالترجمة.
ومن جهة ثالثة فقد يختلف مدلول العبارة من موقف لآخر، فعبارة "اتكل على الله" قد يقصد بها المعنى المباشر، كما قد يقصد بها في مواقف الشجار معنى مناقض تماما، ومن ثم فقد يترتب علها رد فعل مناقض لرد الفعل إزاءها في الحالة الأولى. فإذا ما تغافل المترجم عن هذا الفرق، وترجمها ترجمة مباشرة في الموقف الثاني خرجت ترجمته تحمل تناقضا غير مفهوم.
منقول ..
ـ[رحمة]ــــــــ[23 - 11 - 2009, 11:39 م]ـ
مجهود مبارك و نقل رائع بارك الله فيكِ أختي
جزاكِ الله خيراً نفع الله بكِ دائماً
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[23 - 11 - 2009, 11:59 م]ـ
مجهود مبارك و نقل رائع بارك الله فيكِ أختي
جزاكِ الله خيراً نفع الله بكِ دائماً
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد:
أختي الحبيبة .... الرحمة
جزاك الله خيرا ..... على مرورك الطيب ... وعلى كلماتك التشجيعية .... بوركت أخية
ودمت موفقة
¥