وأستطيع أن أؤكد، أن الأمر بالنسبة لهؤلاء كان أبعد وأعمق بكثير من أن يكون قد بدأ مع بداية الاحتلال. كانت أمريكا قد دخلت رؤوسهم منذ زمن بعيد، بعيد جداً، وسارت فيهم مسار الدم، ولم يعد بالامكان التمييز بين ما ورد طارئاً من أمريكا، وما كان موروثاً اصيلاً فيهم.
نعم، دخلت أمريكا الى هناك، قبل أن تدخل أي مكان آخر، الثغرة التي فتحتها أمريكا في أسوار عاصمة الخلافة، كانت قد أحدثتها أصلاً في رؤوس هؤلاء (ورؤوس غيرهم أيضاً .. ) ..
من هناك، وقبل وقت طويل جداً من التدخل العسكري، والاحتلال المباشر، جاءت أمريكا الى هؤلاء، رمزاً للقوة والنجاح، رمزاً للسعادة والعيش الرغد، رمزاً للهيمنة والسطوة، رمزا لكل ما يتمناه المرء، وللوصول الى القمة، ولو عبر الانطلاق من القاع ..
كانت أميركا رمزاً لكل هذا، دخلت عبر كل هذا، عبر اعلامها الاخطبوطي وشاشته الفضية، وسحر الاضواء الساطعة، وجاذبية البريق اللامع ..
وبغض النظر عن مصداقية هذا الرمز، او زيفه، فان أمريكا، تماهت مع صورتها الاعلامية في عقول هؤلاء، (وعقول غيرهم ممن يجهلون ذلك) ولم يعد بالامكان التمييز – بين حقيقة أمريكا، وصورتها المنعكسة، بل المتجذرة،في الأذهان.
لم يعد بالامكان التمييز بين أمريكا كما هي، وأمريكا كما يروج لها – (ليس عندنا فقط بل حتى عندهم، الاعلام الاخطبوطي تمارس دروها هناك أيضاً .. ) -
صار نمط الحياة الأمريكية، بكل ما فيه من نجاح، وزهو، وبريق، واستمتاع بالحياة، هو النمط الذي نريده لحياتنا ..
لقد رضعنا ذلك منذ طفولتنا، وسار فينا دون أن نشعر، وعندما شعرنا، فقد قمنا ببعض الاضافات على هذا النمط، ووضعنا شعارات عريضة تضيف صبغة اسلامية للجوهر الامريكي…
لقد أخذنا ذلك النمط كنموذج لما نريد لحياتنا أن تكون، لقد أخذنا "أمريكا"، هضمناها، دون أن ندري ..
من هناك، بدء الأمر.
******************************
مقابل تلك الصورة الزاهية، كان هناك واقع بغيض زاد من بريق الصورة الاولى.
كان هناك استبداد بغيض، بادواته وأساليبه المنتمية الى عصور الانحطاط، و أنظمة حكم شمولية تنافس الديناصورات في استعدادها للانقراض، وكان هناك اخفاق تنموي لا منافس له، وفشل لا يجارى على كافة الأصعدة، و نسبة أمية عالية في أمة كانت القراءة أول فرض في الدين الذي أسسها، وكان هناك جمود ديني على لحظة جمعت بين التخلف والتشدد والخرافة والاستبداد
-كله في لقطة واحدة-.
وكان هناك، فوق هذا كله، الفقر، والحاجة، والعوز، وقمع القابليات، وضياع المواهب، و محاربة الابداع والتجديد ..
.. كان هناك في الواقع، فرد مقموع، ومهزوم، ومكبوت ... والمكبوت المقموع فيه لم يكن محض رغبات جسدية أو مادية، بل حقيقته الداخلية كلها، طاقته الانسانية كلها كانت قد قمعت وكبتت عبر هذا الواقع ..
.. ومقابل هذا الواقع البائس المحبط، كانت هناك تلك الصورة البرّاقة الزاهية، لن يحدث فرقاً كبيراً كونها حقيقة أو مزيفة، .. فقد كانت مجرد مقارنتها بالواقع المحبط يمنحها قوة الحقيقة.
والمواجهة بين تلك الصورة الزاهية، وذلك الواقع المحبط كانت محسومة سلفاً.
كان هذا هو ما حدث بالضبط في رؤوسنا .. وأدى الى فتح تلك الثغرة في الأسوار.
كان هذا هو الموجز.
وقد رأيتم، بالبث المباشر، التفاصيل.
***********************
هذه هي أمريكا، (نمط الحياة، ونموذج الحرية والنجاح والسعادة). التي جاءت الينا، ودخلت في رؤوسنا- قبل أن تأتي قاذفاتها وبوارجها وطائراتها .. وتدخل أراضينا ..
وبطريقة لا شعورية تماماً، وجد الكثيرون أنفسهم أمام واقع جديد، بشعارات جديدة وبراقة وزاهية تداعب تلك الصور التي وضعناها أمام ذلك الواقع، وجدوا أن مشروع الاحتلال قد يحقق أحلامهم التي طالما دفنها ذلك الواقع الكئيب.
أقول أنهم ليسوا خونة ولا عملاء ...
لكن أمريكا تمثل كل القيم النجاح والتفوق التي يريدونها لانفسهم ولبلادهم أيضاً ...
.. كانوا يريدون لهذا الحلم الأمريكي الذي سكن رؤوسهم وسكن رؤوس غيرهم أن يتحقق، وربما بعضهم قرر أن يدخل بعض التعديلات، ويضيف بعض الرتوش، لكن مقاييس النجاح والتميز والتفوق التي كانت قد غرست فيهم، وشكلت رؤاهم وآفاقهم ...
لم يكونوا يحبون أمريكا أكثر مما يحبون بلادهم .. لكنهم آمنوا تماما أن أفضل حب لبلادهم، هو أن تنجح التجربة الأمريكية .. أن يتحقق نموذج النجاح الأمريكي بكل بريقه وزهوه على أرض أوطانهم ..
بعضهم كان يريد ذلك بلا تحفظ.
وبعضهم كان سيدخل بعض التحفظات .. ويجري بعض التعديلات .. لكن النموذج، والنمط الأمريكي، كانا سيكونان هناك، في النخاع ..
من كتاب الفردوس المستعار و الفردوس المستعاد- الدكتورأحمد خيري العمري
دار الفكر دمشق
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[27 - 06 - 2006, 09:46 م]ـ
أخرج مسلم عن هشام بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال ". ولو استعرضنا الفتن التي أصابت الأمة منذ مقتل عثمان رضي الله عنه الى اليوم .... ، ولهذا فإن وصفها بأكبر خلق أو أمر وأعظم فتنة كلام صحيح يصدقه الواقع ولا مبالغة فيه. هذا من حيث المكان الذي ترده فتنة أمريكا أما من حيث الزمان فخروجها كان في الحرب العالمية الثانية وانتهاء زمانها سيكون على أيدي المسلمين ودولتهم كما سياتي، حيث يقتل اثنان من رؤساء أمريكا الدجالين أحدهما عند عقبة أفيق والثاني بباب لد، ثم تكون الملاحم ونهزمهم إن شاء الله ثم نفتح امريكا كما ورد في حديث نافع بن عتبة عند مسلم وقد مرّ. يتبع إن شاء الله، عدد الدجالين ص10.
¥