التحريم آية (9) للتذكير وشحذ الهمة لمقاتلة الكفار والمنافقين , يقول الله تعالى: {يا أيها النبي جاهد الكفار والنافقين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير}. وجاء حكاية قول الكفار: {ويقولون متى هذا الوعد أن كنتم صادقين} في أكثر من موضع في سورة النمل آية (71) وفي سورة يس آية (48) وفي سورة الملك آية (25) كما جاءت في صيغة أخرى في سورة السجدة (28): {ويقولون متى هذه الفتح أن كنتم صادقين} كما جاءت حكاية قولهم كذلك في طلب الآية في أكثر من موضع:
{ويقولون الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه} أو {لولا نزل عليه آية من ربه} أو {وقال الذين كفروا .. } والمقصود من هذا التكرار الأشعار بأنهم يكثرون من ترديد هذه الأقوال ويلحون في التحدي وفي طلب الآية , وفيما عدا هذا القليل النادر الذي يكرر لفظه لهدف مقصود ,نجد أن الظاهرة الحقيقية ليست هي التكرار وإنما هي التنويع " 1 فنحن مع هذا التكرار والتنويع نعيش مع القرآن كل يوم وليلة بمذاق متجدد , إذ أننا في كل صلاة من الصلوات المفروضة , أو النافلة نقرأ سورة الفاتحة , نشعر في كل وقت من أن في قرأتها من مذاق , وهذا ولا ريب من الأعجاز القرآني.وهكذا هي الحياة مع القرآن يقول محمد قطب: " أنها تعطي مذاقات متجددة على الدوام , وأن بدت للأول وهلة مكررة , وذلك في حدود ظاهرة التكرار , ولسنا نتحدث هنا عن المذاقات المتجددة التي يجدها الإنسان مع المعنى الواحد كلما فتح الله عليه بإحساس جديد أو تصوير جديد , أو قبس من النور العلوي جديد فذلك أمر آخر لا ينتهي و لا ينفذ ما دامت الحياة " 1 وأقرأ قوله تعالى {تسبح له السماوات السبع ُ والأرضُ ومن فيهنّ , وأن من شيء إلا يسبح ُ بحمدِ , ولكن لا تفقهون تسبيحهم} سورة الإسراء (17). وقوله تعالى {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً} سورة النحل (16). وقوله تعالى {ولله يسجد ما في السماوات والأرض ... } سورة الحج (22).
ولو نظرنا في هذه الآيات , للحظنا في وضوح التكرار اللفظي الذي طرأ عليه , كذلك نرى أن هذه الآيات وأن كانت شبيهة ببعضها البعض , ومكرر في الألفاظ إلا أننا نرى أن لكل من هذه الآيات لها خاصيتها المتميزة عن الأخرى , بل ونلاحظ أيضاً أن هناك كلمة ما متقدمة , وأخرى متأخرة , إلا أنها مكررة ولكن لها ملامحها الخاصة
وأقرأ هذه الآيات التالية وتأملها ملياً:
{وعد الله الذين أمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض} سورة النور (55) , وقوله تعالى {وعد الله الذين أمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرأ عظيماً} سورة الفتح (29).
وأقرأ هاتين الآيتين:
{وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون} سورة النحل (14)
{وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون} سورة فاطر (12) إذ تحول اللفظ الأول في آية إلى مكان آخر في آية أخرى , مما يزيد من الحُسن ومثل هذا كثير في القرآن.
كما أن التكرار يجئ بتنوع , وأقرأ هذه الآيات:
{إنا أنزلناه في ليلة القدر} سورة القدر (1)
{إنا أنزلناه في ليلة مباركة} سورة الدخان (3)
{إنا أنزلناه قرءاناً عربياً لعلكم تعقلون} سورة يوسف (2)
{إنا جعلناه قرءاناً عربياً لعلكم تعقلون} سورة الزخرف (3)
إنها مذاقات حين تجد هذا التكرار والتنوع.
المبحث الثالث: التكرار في أسماء الله الحسنى
حفل القرآن بأسماء الله تعالى وصفاته , يقول تبارك وتعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} سورة الأعراف آية (80) وأسماء الله غير محصورة بعدد معين لقوله صلى الله عليه وسلك:" أسلك اللهم بكل أسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ". وهذا الحديث من حديث أبن مسعود رضي الله عنه , والجمع بين هذا وبين قوله في الحديث الصحيح: " أن لله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة ".وهذا الحديث الشريف من حيث أبي هريرة رضي الله عنه وليس المراد حصر أسمائه تعالى بهذا العدد 1 ولهذا لاحظنا عند بحثنا في كتاب الله تعالى بما قد سم به نفسه ووصفه أكثر من هذا الرقم.
اللفظة الآية
السورة ورقمها
التكرار
¥