تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في هذا المبحث يقدم لنا موجزا عن رؤية الإسلام وبالتالي الأدب الإسلامي للخالق عز وجل وللكون والحياة والإنسان، فهذا هو الأفق الذي يحلق فيه الأديب، ففي النظرة للخالق نجد التوحيد وكمال القدرة والشهود بالعظمة والإجلال للخالق ذي الصفات المطلقة في الجمال والكمال. ويمكن للأديب أن ينجز الكثير من الأعمال الأدبية التي تغني النفوس وتملؤها إيمانا واعتزازا.

وفي النظرة للكون فإنه آية من آيات الخالق، شاهد العظمة، مسخر للإنسان، زاخر بالعبر، داع للتأمل والتفكر، قائد للإيمان. وللأديب مجال واسع ليحلق في هذه الأجواء ويسيح في تلكم الأرجاء ويشعر بأن الكون كله صديق له، حبيب إلى قلبه.

وأما الإنسان فهو جسد وروح، لا تتم إنسانيته إلا بهما، ولكل منهما حاجات لا يجوز إغفالها ولا إطلاقها. فهذه قمة الواقعية التي تعرف طبيعة الشيء وتعطيه ما يناسبه كلا وجزءا، وتفجر له ينابيع الإبداع، وتفتح له أبواب التعبير عن شؤون الحياة كافة في ضوابط تحدها عن أن تنقلب عن الهدف المخصص لها، فالتصور الإسلامي للإنسان يقوم على الواقعية، فهو يتناول الإنسان من جوانبه كلها، ولا يهمل شيئا منها، كما لا يفرض عليه شيئا خارجا عن طبيعته، فالطاقات الجنسية، ونزعة التملك، والحب والكره، والنزوع إلى القوة، والرغبة في التغلب والغلب، والطموح إلى الغايات الكبرى ذوات الشأن .. حقائق يعترف بها الإسلام. وكل ما في الأمر هو أنه يضع لها الضوابط والقواعد حتى لا تتحول الرغبات الجنسية إلى فواحش، ولا تنقلب نزعة التملك إلى اغتصاب، ولا ينحدر الحب والكره إلى التسفل والأذى، ولا تتحول القوة والرغبة والغايات الكبرى إلى عدوان. ذلك هو التصور الإسلامي للإنسان، إنه تصور شامل، متوازن، واقعي، ومن هذا الشمول والتوازن والواقعية يمكن أن ينبثق أدب إسلامي رفيع المستوى يشمل حياة الإنسان كلها باطنها وظاهرها، ويصور سائر حالات قوتها وضعفها، وسموها وانحدارها، وقلقها وطمأنينتها، ويمكن أن يكون هذا الأدب أعظمَ أدبٍ نعمت به البشرية.

خصائص الأدب الإسلامي

فصل مهم نطالعه بتأمل لنكتشف (الخصائص العامة للأدب الإسلامي والميزات التي تميزه عن الآداب الأخرى) حيث أجمل المؤلف هذه الخصائص في ما يلي:

1 الأدب الإسلامي أدب غائي، فهو ليس غاية في ذاته وإنما هو وسيلة إلى غاية تتلخص في ترسيخ الإيمان بالله في الصدور، وتأصيل القيم الفاضلة، وتفجير ما يكمن في الذات الإنسانية من طاقات الخير والصلاح. 2 أدب ملتزم بالإسلام وقيمه وتصوراته ومثله وغاياته، فهو مسؤولية وريادة معا. 3 هو أدب أصيل، وتتجلى هذه الأصالة في انصباب أدب الأديب على الأصيل من خصائص أمته، والنقي الصافي من صفاتها، والرفيع الثمين من قيمها ومزاياها.

4 أدب متكامل، يتآزر فيه المضمون مع الشكل، ويتطلب ثقافة واسعة وأفكارا ثرة وطاقات مبدعة.

5 الاستقلال، فالأدباء الإسلاميون يتحكمون في رؤيتهم للأشياء ونظرتهم للحياة، ولهم شخصية أدبية إسلامية مميزة.

7 وهو أدب فعال مؤثر، ولا يتحقق هذا الغرض الكبير من أغراض الأدب إلا إذا كان الأديب الذي يبدعه ممن تفتحت قلوبهم للإسلام، ونمت عقولهم بغذائه، وعاشت نفوسهم في أتراح المسلمين وأفراحهم.

قضية الالتزام

وإلى (قضية الالتزام في الأدب) ينقلنا المؤلف في هذا الفصل الجديد.

الالتزام في اصطلاح الأدباء والنقاد هو أن يلتزم الأديب في كل ما يصدر عنه من أدب فكرا محددا من الأفكار، أو عقيدةً من العقائد، أو نظرية من النظريات، أو فلسفة من الفلسفات سواء أكان ما يلتزم به دينيا أم سياسيا أم اجتماعيا أم نحو ذلك بحيث يكون أدبه نابعا مما اعتقده، ممثلا لما اعتنقه، غيرَ حائدٍ عنه، أو خارجٍ عليه.

وقد نشأت قضية الالتزام في الأدب في عشرينيات القرن الماضي إثر قيام الدولة الشيوعية في الاتحاد السوفييتي.

والأدب الإسلامي نبت في منابت الالتزام منذ نشأته على لسان أول شاعر من شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم، وعاش ملتزما طوال تلك القرون، وسيبقى كذلك بتوفيق الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير