تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأسس هذا الالتزام نجدها في قول الحق تبارك وتعالى: “وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227) ” سورة الشعراء

وهذا الالتزام نابع من الداخل، من وعي الأديب وإيمانه، نابت من مبادئه القوية الواثقة، فالأديب الإسلامي ملتزم أمام الله الحي الباقي، يدين بدينه ويمشي على هدى الأخلاق التي ارتضاها، فهو التزام مرتبط بعقيدة سماوية شاملة لمطالب الروح والجسد، مستوعبة لشؤون الدنيا والآخرة، فهو يسمح للنفس بالتعبير عن خلجاتها، وإبداء عواطفها، وإيضاح مشكلاتها، كما يسمح بالتعبير عن هموم المجتمع وتصوير آلامه وآماله ملتزما بالقيم الربانية والمثل الأصيلة النافعة.

وفصل جديد بعنوان: (حرية الأديب) فالحرية في الإسلام للجميع، إذ تكفل حفظ حرية الرأي والتفكير والتعبير، وضمن حرية التفكير العلمي، فلم يضع حواجز على تفكير الإنسان العلمي بل دعا إلى التفكر والتأمل وحث على العلم والبحث، إلا أن هناك ضوابط وقيودا لا بد من وضعها لكي لا تتحول الحرية إلى فوضى واضطراب، ولا إلى اعتداء وانتهاك، وأوضح حديث في ذلك حديث ركاب السفينة: “إن قوما ركبوا في سفينة فاقتسموا، فصار لكل منهم موضع، فنقر رجل منهم موضعه بفأس، فقالوا: ما تصنع؟ قال: هو مكاني أصنع فيه ما أشاء، فإن أخذوا على يده نجا ونجوْا، وإن تركوه هلك وهلكوا”.

التقيد بالأخلاق

(أخلاقية الأدب الإسلامي وموقفه من تصوير الشر والرذيلة) هو عنوان هذا الفصل المهم من الكتاب، حيث انقسم الكتاب والنقاد قسمين، فمنهم قسم يعارض الالتزام الخلقي، ويرى أن الأديب لن يبدع إلا إن كسر كل الحواجز وتخلص من كل القيود حتى ولو كانت قيود الأخلاق، ومنهم من يرى أن القيد الخلقي مهم وأن الإبداع يتحقق معه، ومن النوع الثاني في عصرنا الناقد العربي (توفيق الحكيم) وينقل لنا المؤلف شيئا من آرائه في هذا: “إن خطر الأدب يبدو في أنه يملك القدرة على استدرار عطفك على من يصورهم من الأشخاص، وإثارة إعجابك بهم، فإذا عرفنا أن العطف والإعجاب يعديان كما تعدي الأمراض السارية أدركنا خطر الأدب غير الأخلاقي، ولا ريب في أن الأدب الذي يقود قارئه إلى العطف على الانحلال، والإعجاب بالرذيلة والانحدار إنما هو أدب هدام، لأن مجتمعا بأسره يمكن أن تسري فيه العدوى عن طريق ذلك الأدب ... إن وظيفة الأدب أن يؤثر في النفس والفكر”.

موقف الإسلام من تصوير الخير والشر يتحدد بنظرة الإسلام إلى الأخلاق وموقفه منها، فلا مانع من تصوير الخير وبيان الشر بهدف إرساء قواعد الخير والفضيلة في المجتمعات، واقتلاع جذور الشر والرذيلة منها. فهو حين يصور الخير إنما يصوره من أجل الخير، وهو حين يصور الشر إنما يصوره من أجل الخير أيضا. وإن الإسلام لا ينكر أن في البشرية ضعفا، ولكنه لا يريد أن يبرر هذا الضعف ويهونه في نفوس الناس، إنما هو يسعى إلى الارتفاع بالإنسان وتطوير حياته وإعلاء غرائزه والسمو بها. فيجوز للأديب أن يصور مواقف الشر كما يجوز له تصوير مواقف الخير بشرط ألا تتجاوز حدا يجعلها تخرج عن غايتها إلى جزئيات تبتعد عن الهدف، وتنقل القارئ إلى قضايا فرعية قد تقع في الجانبي المفسد، والقدوة في ذلك ما صوره القرآن الكريم من هذه المواقف، فقد عرض خطأ آدم الذي مثل لحظة ضعف بشرية، كما صور حدث تعرض امرأة العزيز ليوسف عليه السلام من دون أن يصف المفاتن ويلجأ للإثارة.

وإن تابعنا تصفح الكتاب وجدنا فصولا بهذه العناوين: موقف الأدب الإسلامي من مسألة القضاء والقدر في الأعمال القصصية والمسرحية وغيرها، موقف الأدب الإسلامي من العلاقة بين الجنسين، القصة الإسلامية، المسرحية الإسلامية، نموذج من المسرحيات الإسلامية، المسرحية الإسلامية، أنموذج من المسرحيات الإسلامية.

وهي فصول جيدة غنية، تستحق القراءة، وتبرز جوانب أخرى من جوانب الأدب الإسلامي الراقي. والكتاب كله يتميز بأسلوب جميل، مع الضبط بالحركات، والتوثيق بالأدلة والشواهد من القرآن والسنة، ومن الواقع، وفيه مقارنات واضحة في أكثر من موضع، وفيه تذوق جميل، واختيار دقيق لبعض المقاطع من القصائد التي تدعم الأفكار، وهو كتاب تأصيل يوضح أصول المنهج وصورته، ويبرز أركانه، ويدعو الأدباء إلى اتخاذ الإسلام مذهبا يضمن لهم التميز في الأدب والتفوق في الفن، ويطلب التوازن بين الشكل والمضمون كما يوازن بين الدنيا والآخرة، وبين مطالب الجسد وحاجات الروح.

http://www.alkhaleej.ae/articles/sho...cfm?val=279492

ـ[معالي]ــــــــ[04 - 09 - 2006, 03:30 م]ـ

السلام عليكم

الأستاذة الكريمة أنوار

حياك الله بعد طول طول غياب ..

اطلعتُ على الكتاب، وجزى الله واضعه الشيخ عبالرحمن يرحمه الله خير الجزاء؛ فقد بذل هذا الرجل جهدًا خارقا في مناصرة هذا المنهج والدعوة إليه والترويج له.

لكني أجد الكتاب بحاجة إلى التفصيل، فهو مجمل على نحو لا يشبع رغبة الباحث، كما أنه يفتقر إلى التطبيق في مواضع كثيرة، ولا أظنه ذكر نصوصا للتمثيل إلا مرة أو مرتين ربما.

الكتاب تأريخي تنظيري بوجه عام.

أظن كتاب الأستاذ الدكتور سعد أبو الرضا في النقد الحديث أفضل بمراحل، وقد قرأتُ عنه هنا في الفصيح، ولا ننسى أن الفضل للمتقدم على حد تعبير ابن مالك يرحمه الله.:)

جزاك الله خير الجزاء، ورحم الله الشيخ رحمة واسعة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير