تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

5 - ودفعا لأي يأس أو إحباط أو وهن، فها أنذا أضع بين يدي الجميع هذا الحديث الشريف الذي رواه الداني وعبد الرزاق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «لتملأن الأرض ظلما وجورا حتى لا يقول أحد: الله الله، ثم لتملأن قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا» فهذا الحديث هو حديث موقوف إلا أن له حكم الرفع، لأنّه إخبار عن أمر غيبي لا يقال من باب الإجتهاد، وهو حديث عظيم الدلالات، يحمل لنا البشرى الثابتة التي قال عنها الشاعر:

اشتدي أزمة تنفرجي بصباح حرّ منبلج

والتي قال عنها الشاعر:

ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا

وعند الله فيها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها

فرجت وكنت أظنها لا تفرج

6 - وحول هذه الأحاديث الشريفة التي أوردتها في هذه الحلقة يقول الأستاذ محمد عبد الله أبو صعيليك: ( ... والمسلم بين حالتين: إما أن ينظر الى واقعه المرير، فيرى ضعف المسلمين واستعلاء الكافرين، فيصيب نفسه اليأس والقنوط، وإما أن ينظر في المبشرات هذه ويتذكر قدره الله تعالى وقانونه في النصر، وعندما يغلب أمر الله تعالى في نفسه، ويعتقد أن هذا حق وصدق، وأنه لا محالة آت، لكن في موعده الذي يريده الله تعالى، وذلك بالعمل بالسنن الكونية، التي قررها الله في حياة الناس، بهذا نفهم هذه الأحاديث، وبغير ذلك تقع الأمة في الأخطاء وما أكثرها، وعندها ينظر الى هذه الأحاديث وأمثالها نظرة استغراب وتعجّب، فيحار ضعاف العقول أيصدّقون خبر الرسول صلى الله عليه وسلم أم أساطيل الغرب ومعداته ووسائل الإعلام - المأجورة- وسمومها ..

إن المسلم بمقتضى إيمانه مأمور بتصديق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه أحاديثه، ونحن بين خيارين، والمسلم الصادق يصدّق خبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويدع بهرجة غيره ونواح غيره وافتراء المفترين على الحقيقة، ويعلم أن وعد الله تعالى لهذه الأمة المسلمة بالنصر على أعدائها والتمكين لجانبها في الأرض آت بعون الله تعالى، ولا يمكن أن يتخلّف لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخبر عن الله سبحانه وتعالى، ومن مقتضيات عقيدة المسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يخبر به عن ربه سبحانه، ومن مقتضيات عقيدة المسلم أيضا أن الله تعالى لا يخلف الميعاد، وأن من وعده وميعاده نصر الأمة المسلمة على أعدائها، والتمكين لها في الأرض).

7 - ومن المبشرات بانتصار الإسلام والمسلمين ما ورد من آثار عن الصحابة رضي الله عنهم ثم عن التابعين وأتباع التابعين، وعندما نتحدث عن آثار الصحابة يجب أن نعلم أنها قد صدرت عن قوم عمليين لا وقت عندهم للقيل والقال وكثرة السؤال وإضاعة المال، ولا وقت عندهم للأحلام المحلقة، فهم الذين نقلوا لنا هذه الآثار المبشرات بانتصار الإسلام والمسلمين، وهم الذين بذلوا أرواحهم وأموالهم في سبيل الله تعالى، ومن بين هذه الآثار قول أبي هريرة رضي الله عنه، حين فتحت هذه الأمصار على عهد عمر وعثمان، وما بعده: «افتحوا ما بدا لكم، فوالذي نفس أبي هريرة بيده ما افتتحتم من مدينة ولا تفتحونها الى يوم القيامة إلا وقد أعطى الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وسلم مفاتيحها قبل ذلك»، ولعلّ أبا هريرة يعني بقوله ( ... وقد أعطى الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وسلم مفاتيحها قبل ذلك) أي أن الله تعالى زوى الأرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مشارقها ومغاربها، فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم ينظر إليها وإلى ما هو كائن فيها حتى قيام الساعة، وبناء عليه فإن كل فتح حققه المسلمون أو سيحققونه في المستقبل فقد رآه صلى الله عليه وسلم يقينا كأنه قد وقع، وبذلك يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد فتح الفتوح وأعطي مفاتيحها من الله تعالى في عالم الغيب قبل أن تتحقق في عالم الشهادة.

8 - ومن الآثار الواردة عن السلف قال الضحاك في قوله تعالى {ليظهره على الدين كله} ذلك عند نزول عيسى بن مريم عليه السلام لا يبقى أهل دين إلا دخل في الإسلام، ومن هذه الآثار قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: {حتى تضع الحرب أوزارها} خروج عيسى بن مريم عليه السلام، ومن هذه الآثار قال السدي في قوله تعالى: {ليظهره على الدين كله} وذلك عند خروج المهدي عليه السلام.

الأمانة العلمية توجب ذكر المصدر لحصول البركة: موقع مدينة أم الفحم (أم النور).

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير