تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نصبوه على القبر، و ما زال إلى الآن، و من أعجب ما وقع في بعض المرات مشاركة جوق الموسيقى العصري برئاسة بعض مريدي الشيخ من تطوان، فتصدح بين الحين و الحين أنغام الموسيقى من الآلات الرّومية من شباب فاجر، و قد أمر الشيخ أن تخصص لهم الدكّة التي عن يسار باب الزاوية، فهل سمعت بمنكر يضاهي هذا؟

ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[22 - 12 - 06, 07:03 م]ـ

الحمد لله رب العالمين، و العاقبة للمتقين، و لا عدوان إلا على الظالمين، و الصلاة والسلام على سيد المرسلين، و إمام المتقين، و قائد الغر المحجلين، و على آله الطيبين، و أصحابه الأكرمين، و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، النافين عنه تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين.

أما بعد، فقد عرفت شيخي المحدث الحافظ، المؤلف المكثر، الصوفي الاتحادي المتشيع، المكنى أبا الفيض، و الملقب شهاب الدين، أحمد بن محمد بن (ج) الصديق بن أحمد بن عبد المومن الغُماري المنصوري التجكاني أصلا، السعيدي مولدا، الطنجي منشأ، القاهري وفاة، المولود سنة 1320 هـ، و المتوفى مُغَرّباً عام 1380 هـ.

عرفته بطنجة في سن المراهقة حيث كنت أذهب مع والدي كل شهر شوال لحضور ذكرى وفاة والده شيخ الطريقة الدرقاوية بطنجة، و كانت هذه الذكرى موعد موسم حافل بالبدع والمنكرات و الفضائح؛ حيث يقوم سكان أغلب الأحياء بطنجة بإقامة موكب يخرج من الحي بالأعلام و الطبول حاملين الهدايا لضريح الشيخ الواقع بحومة (أمراح) فلا تسل عن الاختلاط وصياح السكارى و الهتاف باسم الشيخ، و بعد وصول الموكب إلى الزاوية يخرج الشيخ أحمد من حجرته التي يستقبل فيها الضيوف القادمين من فاس و تطوان و القصر الكبير و البادية، و يترأس حلقة الرقص الذي يسمى "الذكر"!!، و كم مرة رأيته واقفا في المحراب بقامته و عمامته السوداء و هو يحرك رأسه، و القوّالون ينشدون كلام القوم، و الهمج و الرعاع من السكارى و أشباههم يرقصون، ثم يرفع الشيخ سبابته إيذانا بانتهاء الحضرة و يدخل حجرته فيتبعه وفد الحي و يقبلون يده و يقدمون له الهدية، و غالبا ما تكون نقودا ورقية، و من سخافة أغلب هؤلاء السكان أنهم يلصقون هذه الأوراق على ألواح للتشهير و التنافس، فإذا وصلوا إلى الزاوية قلعوها و قدموها للشيخ أحمد فيدعو لهم و ينصرفون، و هكذا ينقضي اليوم إلى المساء، و أذكر أنه في أحد المواسم صنعوا للقبر صندوقا خشبيا كبيرا له باب، و نصبوه على القبر، و ما زال إلى الآن، و من أعجب ما وقع في بعض المرات مشاركة جوق الموسيقى العصري برئاسة بعض مريدي الشيخ من تطوان، فتصدح بين الحين و الحين أنغام الموسيقى من الآلات الرّومية من شباب فاجر، و قد أمر الشيخ أن تخصص لهم الدكّة التي عن يسار باب الزاوية، فهل سمعت بمنكر يضاهي هذا؟

ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[22 - 12 - 06, 07:08 م]ـ

و بعد وفاة والدي كانت مبادرة طيبة من الشيخ حيث بعث إلي من طنجة عام 1368 هـ بكتابه المفيد النافع "المثنوني (هكذا، و الصواب: المُثْوي) و البتار، في نحر العنيد المعثار الطاعن فيما صح من السنن و الآثار"، و هو رد على رسالة الشيخ محمد الخضر الشنقيطي المسماة "إبرام النقض، لما قيل من أرجحية القبض" و هي مطبوعة بمصر كالرد عليها، و كتب على طرته: هدية من مؤلفه إلى الشريف الجليل، السني الأثري، سيدي محمد بن الأمين بوخبزة حفظه الله، و ذلك في منتصف شوال عام 1368 هـ أحمد بن الصديق.

و قد أكبرت هذه اليد من الشيخ، و بادرت بالكتابة إلى الشيخ أشكر له هديته، و أتودد إليه، شارحا له عواطفي الصادقة نحوه، راغبا في الاستفادة من علمه و الأخذ عنه، فأجابني بالترحاب و بالغ في مدح خطي و إعجابه به و بإسلوبي على صغر سني، ثم توطدت الصلة بيننا، وواصلت زيارتي له بطنجة و الكتابة إليه في كل ما يعن لي، و ما كان يبخل علي بطول المحاورة والمراجعة حتى تجمعت لدي من رسائله و أجوبته ما يفوق المائة، و فيها ما يملأ ست صفحات بخطه الدقيق، و قد كان عبد الله الكرفطي المدعو التليدي استعارها مني ليستفيد منها في تأليف كتاب عن حياة الشيخ بُعيد وفاته؛ حيث أزمع الرأي على دعوى المشيخة و الولاية بعد دراسة الأحوال و فهم الوضع و الواقع على ما هو عليه، و قد أصدر هذا الكتاب الذي سماه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير