تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد علق على هذا الحديث بقوله: قال عبد الله بن محمد - يعني نفسه-، وهذا الحديث باطل ([450]). لكنه لم يوضح سبب رد الحديث هل هو لعلة في الإسناد أو المتن، ويبدو أنه هنا اكتفى بمنهج بعض المؤرخين بينما يقتضي منهج أهل الحديث ذكر السبب والعلة حتى يقبل كلامه ويؤخذ بما قاله.

كما روى بعض الأحاديث التي لم تصح عن الرسول ش، وقد بين رأيه فيها، ومن ذلك ما رواه محمد بن عبد الله المطماطي البزار: (أخبرنا أصبغ بن عبد الله، قال: قال لنا ابو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان لمالكي: وممن روى عن مالك من أهل الأندلس محمد ابن عبد الله المطماطي، أجاز لي محمد بن عمر الأندلسي عنه، عن مالك، عن ربيعة، عن أنس، عن النبي ش: " من لم يعدني في رمدي، لم أحب أن يعدني في علتي " كذا قال ابن شعبان، وحدثنا به من طرف عن محمد بن عبد الله المطماطي هذا، عن عبد العزيز بن يحيى، عن مالك. وهذا حديث منكر لا يثبت من غير طريق مالك، فكيف لمالك؟!)، ثم دعم رأيه هذا بقول شيخه محمد بن أحمد بن يحيى بأنه روايته عن مالك غير مقبولة ولا ممكنة ([451]).

وكذلك الحديث الذي رواه محمد بن ميسور: (أخبرني أبو ثابت قال: أملى علينا خالد بن سعد قال: كتب إلي محمد بن منصور الرجل الصالح بخط يده، وقال في كتابه: كتبت إليك يا أخي أكرمك الله بطاعته، ومن قدس الله، ومسرى نبيه ش قال: حدثني غسان القاضي القلزم، قال: حدثني أبي، قال: نا محمد بن عزيز الأيلي، قال: نا يعقوب ابن أبي الجهم ابن سوار الأسدي، قال: نا عمرو ابن جرير، عن عبد العزيز يعني: ابن زياد، عن أنس قال: بينما نحن عند النبي ش إذا عطس عثمان رضي الله عنه ثلاث عطسات متواليات: فقال النبي ش: " يا عثمان: الا أبشرك، هذا جبريل يخبرني عن الله تبارك وتعالى: ما من مؤمن يعطس ثلاث عطسات متواليات إلا كان الإيمان ثابت في قلبه " وقد بين ابن الفرضي رأيه بهذا الحديث حيث قال: قال عبد الله: هذا حديث منكر لا أصل له) ([452]).

ومن ذلك أيضاً أخبرنا أحمد بن خالد، قال: نا يزيد بن عمر الأندلسي، قال: نا ابن العرابي أحمد بن محمد بن بشر بمكة، قال: نا الزعفراني، عن سفيان بن عيبنة، عن الزبيري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه عبد الله بن عمر، قال: حضرت رويفع ابن ثابت الأنصاري: وهو يسأل رسول الله ش عن الفتنة، وكيف هو ناج منها؟ فقال له رسول الله ش: " يا رويفع: إلزم الجبال والقفار، فإنه أسلم لدينك ودنياك … بل الحياة فعليك: بسكنى مدينة برقة ([453])، إنها ستفتح عليكم وغيرها: من مدائن المغرب " وفي الخبر: " مدينة في الإسلام بعض الأرض المقدسة ساكنها سعيد وميتها - في آخر الزمان - عريق، فقال عبد الله بن عمر: فما زلت أجعل ذلك من بالي، من أجل هذا الحديث حتى فتح الله على المسلمين مصر والمغرب، فسأل رويفع عمر بن الخطاب أن يوفده إلى المغرب فولاه برقة، فلم يزل بها حتى مات فيها، وقبره بها رحمه الله "، وقد بين ابن الفرض رأيه في هذا الحديث بقوله: قال عبد الله - يعني نفسه- أن هذا الحديث باطل، ولا سيما بهذا الإسناد ([454]).

كانت هذه نماذج لوقفات ابن الفرضي عند بعض الأحاديث التي أوردها حيث بيّنَ رأيه في صحتها.

- وقد كان للروايات التاريخية نصيبها من المناقشة والتحليل حيث وقف عند بعضها مناقشاً ومحللا معتمداً في ذلك على حاسته التاريخية، ومن الأمثلة أنه حينما تحدث عن محمد بن عيسى بن رفاعة الخولاني ذكر أنه ينسب إلى الكذب، وأن محمد بن أحمد قد قال له: إنه كذاب ([455])، ولم يكتف ابن الفرضي بهذا الحكم: بل أعقب ذلك بذكر الدليل وهو أن الخولاني حينما قدم إلى قرطبة أخرج كتاباً مُختلقاً من حديث سفيان بن عيينة جله سفيان عن الزهري عن أنس عن النبي ش، وليس لسفيان عن الزهري عن أنس من المسند إلا ستة أحاديث أو سبعة، وهكذا افتضح أمره وشُهر بالكذب كما يقول ابن الفرضي ([456])، ومن ذلك قوله: أخبرني إسماعيل قال: قال خالد بن سعد: ذكرت في كتابي مناقب الناس، ومحاسنهم إلا رجلين محمد بن وليد القرطبي، وسعيد بن جابر الأشبيلي فإني صرحت عليهما بالكذب وكانا كذابين ([457])، لكن ابن الفرضي لم يأخذ بقول خالد على الرغم من كونه من مصادره المهمة بل إنه رأى مناقشة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير