فلم يكن الإمام عبد الله بدعاً من الأئمة في هذا الأمر فقد سبقه إليه غيره وتبعه عليه غيره من الأئمة الكبار كما أشار إلى ذلك الشيخ القحطاني نفسه فقال في ص76: (ومن الملاحظ في هذا الأمر أن عبد الله بن أحمد لم ينفرد بهذا الأمر في نقد أبي حنيفة بل شاركه علماء كبار أمثال ابن حبان في المجروحين وقبله البخاري وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث وابن أبي شيبة في مصنفه وبعدهم الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد واللالكائي في بعض فقرات كتابه شرح أصول السنة.
قال سمير: ويزاد عليهم العقيلي في الضعفاء وابن عدي في الكامل وابن بطة في الإبانة فهؤلاء ثلاثة عدا من ذكرهم الشيخ وعدتهم ستة فالمجموع تسعة وعاشرهم عبد الله بن أحمد فهؤلاء كلهم مخطئون في نظر الشيخ لأنهم رووا في مصنفاتهم مثالب الإمام أبي حنيفة!
وليس هؤلاء فحسب بل شيوخهم وأئمتهم الذين رويت عنهم تلك المطاعن والمثالب كالإمام مالك والأوزاعي وابن المبارك والسفيانين والحمادين ووكيع وأحمد وغيرهم ممن سيأتي ذكرهم ونقل أقوالهم.
الثاني: انتقد الشيخ القحطاني الإمام عبد الله لأنه أدرج الكلام في أبي حنيفة في كتاب من أهم وأول كتب العقيدة السلفية كما قال ()، وزعم أن من المقطوع به عقلاً أن ذلك ليس من أ مور العقيدة الأساسية في شيء.
وأنا أسأل الشيخ القحطاني، وأعلم يقيناً أنه يعرف جوابه كما أعرفه: ما هي مآخذ الأئمة على أبي حنيفة؟ أليست في مسائل الاعتقاد؟ وأنت نفسك يا شيخ ذكرت بعضها في ص77 وهي الإرجاء والخروج على أئمة الجور والغلو في القياس والرأي ورد الآثار والقول بخلق القرآن أليست هذه من أمور العقيدة الأساسية؟ فإن لم تكن كذلك فما هي أمور العقيدة الأساسية إذاً؟
فإذا أقر الشيخ أنها من أسس مسائل الاعتقاد، وأنه بسببها حصل الافتراق في الأمة فأين يريد الأئمة أن يذكروها ويشهروا بالمخالفين فيها؟ في كتب النحو و الصرف؟ أم في الملاحم والمغازي؟ أم في علوم القرآن؟ أم في ماذا؟!
[2] ص75 ثم قال الشيخ: (ومن البدهيات أنه لابد أن يكون لأبي حنيفة أخطاء كما أن لعبد الله أخطاء، ولكن لن تصل أخطاء أبي حنيفة إلى الحد الذي ذكر في بعض نصوص هذا الموضوع، والتي منها أنه ينقض عرى الإسلام عروة عروة!!
أقول هذا ليس تبريراً لأخطاء أبي حنيفة فله أخطاء لا نقره عليها ولكن من باب الإنصاف أن كلاً له وعليه).
قال سمير: مفهوم كلام الشيخ أنه كما أن أبا حنيفة عليه مآخذ في العقيدة طعن فيه بسببها فكذلك الإمام عبد الله وهذا باطل قطعاً فما رمي الإمام عبد الله ببدعة وما لمزوه في عقيدته بل هو إمام ابن إمام وقد ورث علم أبيه وفقهه وسمته ولم يدخل في شيء من الأهواء.
وقد ذكر الشيخ في مقدمة الكتاب طرفاً من سيرته وثناء الأئمة عليه ولم ينقل عن أحد طعناً فيه لا في عقيدته ولا في غير ذلك فكيف يقول هنا: (ومن البدهيات أنه لابد أن يكون لأبي حنيفة أخطاء كما أن لعبد الله أخطاء) ويقول: (ولكن من باب الإنصاف أن كلاً له وعليه)؟!
ولا يقولن قائل: إن قصد الشيخ القحطاني بهذا أن كلاً عليه مآخذ وله أخطاء مما لا يسلم منه البشر عادة، لأن سياق الكلام على الأخطاء العقدية المخالفة لمذهب السلف وهي التي طعنوا من أجلها في أبي حنيفة لا على أخطائه العادية التي يشركه فيها سائر البشر.
[3] ص75 ثم قال الشيخ بعد ذلك: (وقد حصرت الفقرات التي لم تصح في هذه المثالب بل غالبها مروي عن طريق مجاهيل أو ضعفاء أو مقدوح فيهم بما ذكره علماء الجرح والتعديل فوجدت عدد هذه الفقرات 86 فقرة هي: 230،231) ثم سردها ثم قال: (والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال فمن باب أولى أنه إذا لم يصح سند هذه الروايات فلا يصح متنها لما سأبينه) ا. هـ
قال سمير: وهذا إيهام من الشيخ غفر الله له للقارئ فليست كل الفقرات المذكورة مروية عن مجاهيل وضعفاء ومقدوح فيهم كما زعم.
¥