تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشيخ القحطاني: (هذا أمر يدعو إلى العجب إذ إنه (من المقرر في عقيدة السلف عدم لعن المسلم بعامة والمعين بخاصة حتى قيل إن الكافر بعينه لا يلعن).

قال سمير: دأب الشيخ في نقده للسلف في هذا الكتاب على أسلوب غريب عجيب فهو يلجأ إلى أسلوب التهويل وربط المسائل الخلافية بالأمور الاعتقادية ففي مسألة الشؤم قال: (والشؤم مخالف للعقيدة) وقال في غيرها: (هذا الكلام لا يخدم العقيدة) وقال أيضاً: (إن شتم أبي حنيفة أو مدحه ليس من أمور العقيدة الأساسية في شيء) وهاهنا يقول: من المقرر في عقيدة السلف عدم لعن المسلم بعامة…) وهكذا.

وكأني بالشيخ يريد أن يقول: إن هؤلاء الذين طعنوا في أبي حنيفة وزعموا أنه ابتدع أقوالاً مخالفة للعقيدة هم مخالفون لعقيدة السلف أيضاً في بعض المسائل فاستوى الفريقان ويؤكد هذا الظن قوله السابق: (ومن البدهيات أنه لابد أن يكون لأبي حنيفة أخطاء كما أن لعبد الله أخطاء وأن كلا له وعليه).

فإن ظن الشيخ أنه بهذا الأسلوب يخدم عقيدة السلف فهو مخطئ بل إنه بذلك يعين على هدمها ونقض عراها دون أن يشعر أو يقصد لأنه جرح أركانها وأظهرهم بمظهر الجاهل بمسائل الاعتقاد المتجني على الأبرياء حسداً وعدواناً وحاشاهم من ذلك.

وأنا على يقين أن الشيخ القحطاني لم يقصد النيل من السلف ولا من عقيدتهم وأنه قصد الدفاع عن أبي حنيفة لكنه أخطأ الأسلوب وضل الطريق ثم لم يحصل له مطلوبه بل حصل العكس فلا هو بالذي دفع عن أبي حنيفة المطاعن والمثالب ولا بالذي حفظ للسلف مكانتهم وقدرهم فطال الجرح الجميع.

وزعم الشيخ أن (من المقرر في عقيدة السلف عدم لعن المسلم بعامة والمعين بخاصة حتى قيل: إن الكافر بعينه لا يلعن) فيه نظر.

ولا أعلم ما قصده بعدم لعن المسلم بعامة هل يعني أنه لا يجوز أن يلعن العصاة والمخالفون بعامة؟ فإن قصد ذلك فقد أخطأ خطأ بيناً لأنه قد تواترت النصوص على لعن العصاة كقوله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه) وكقوله: (لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء). وكقوله: (لعن الله المحلل والمحلل له) وكقوله: (لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة) إلى غير ذلك من الأحاديث.

وإن أراد الشيخ أنه لا يجوز أن يقال: (لعن الله المسلم) أو (لعن الله المؤمن) فلا ريب أنه لا يجوز مثل هذا اللعن ولا إخال الشيخ يريد هذا المعنى لأنه يبعد صدور مثل هذا القول من مسلم كما لا يخفى.

وأما لعن المسلم المعين الفاسق أو المبتدع وكذا لعن الكافر المعين فهذا موضع خلاف وقد فصل القول فيه جماعة من أهل العلم منهم العلامة ابن مفلح في الآداب الشرعية [1/ 269 - 278] حيث قال ما نصه: (فصل: حكم اللعن ولعن المعين.

ويجوز لعن الكفار عاماً وهل يجوز لعن كافر معين؟ على روايتين قال الشيخ تقي الدين: ولعن تارك الصلاة على وجه العموم جائز وأما لعنة المعين فالأولى تركها لأنه يمكن أن يتوب.

وقال الشيخ تقي الدين أيضاً في موضع آخر في لعن المعين من الكفار من أهل القبلة وغيرهم ومن الفساق بالاعتقاد أو بالعمل: لأصحابنا فيها أقوال:

أحدها: أنه لا يجوز بحال وهو قول أبي بكر بن عبد العزيز.

والثاني: يجوز في الكافر دون الفاسق.

والثالث: يجوز مطلقاً.

قال ابن الجوزي في لعنة يزيد: أجازها العلماء الورعون منهم أحمد بن حنبل وأنكر ذلك عليه الشيخ عبد المغيث الحربي وأكثر أصحابنا…).

(وشنع ابن الجوزي على من أنكر استجازة ذم المذموم ولعن الملعون كيزيد قال: قد ذكر أحمد في حق يزيد ما يزيد على اللعنة…).

(قال: وقد صنف القاضي أبو الحسين كتاباً في بيان من يستحق اللعن وذكر فيهم يزيد…).

(قال بن الجوزي: وقد لعن أحمد بن حنبل من يستحق اللعن فقال في رواية مسدد: قالت الواقفية الملعونة والمعتزلة الملعونة .. وكان الحسن يلعن الحجاج وأحمد يقول: الحجاج رجل سوء قال الشيخ تقي الدين: ليس في هذا عن أحمد لعنة معين لكن قول الحسن نعم).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير