تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(وقال القاضي في المعتمد: من حكمنا بكفرهم من المتأولين وغيرهم فجائز لعنتهم نص عليه… قال القاضي: فأما فساق أهل الملة بالأفعال كالزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس ونحو ذلك فهل يجوز لعنهم أم لا؟ فقد توقف أحمد رضي الله عنه عن ذلك في رواية صالح قلت لأبي: الرجل يذكر عنده الحجاج أو غيره يلعنه؟ فقال: لا يعجبني لو عم فقال: ألا لعنة الله على الظالمين.

(وقد نقل عن أحمد لعنة أقوام معينين من دعاة أهل البدع ولهذا فرق من فرق من الأصحاب بين لعنة الفاسق بالفعل وبين دعاة أهل الضلال إما بناءً على تكفيرهم وإما بناءً على أن ضررهم أشد ومن جوز لعنة المبتدع المكفَّر معيناً فإنه يجوز لعنة الكافر المعين بطريق الأولى ومن لم يجوز أن يلعن إلا من ثبت لعنه بالنص فإنه لا يجوز لعنة الكافر المعين).

ثم ذكر أحاديث في جواز لعن المعين منها حديث أبي هريرة في قنوت النبي صلى الله عليه وسلم في النازلة وفيه (اللهم العن فلاناً وفلاناً) الحديث.

وحديث: (اللهم إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما مسلم سببته أو لعنته وليس كذلك فاجعل ذلك له صلاة وزكاة…) الحديث.

وحديث عائشة رضي الله عنها لما قالت للرهط من اليهود: (عليكم السام واللعنة .. ) وإنكار النبي صلى الله عليه وسلم عليها ذلك.

قال: (والاستدلال بهذا الخبر في جواز لعنة المعين وعدمه محتمل).

وقصة الرجل الذي كان يشرب الخمر فلعنه رجل فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله) انتهى باختصار.

قال سمير: وقد ثبت عن بعض الصحابة لعن من لم يشتهر بفسق أو ببدعة وإنما لمجرد المخالفة ومن ذلك مار واه الطبراني في الكبير [12/ 251/ح13251] من طريق بلال بن عبد الله بن عمر أن أباه عبد الله بن عمر قال يوماً: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد) فقلت: أما أنا فسأمنع أهلي فمن شاء فليسرح أهله فالتفت إلي فقال: (لعنك الله لعنك الله لعنك الله تسمعني أقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن لا يمنعن وتقول هذا؟ ثم بكى وقام مغضباً).

وأصل هذا في الصحيحين انظر البخاري [2/ 347] ومسلم [ح442] دون اللعن إلا أن لفظ مسلم قال: فأقبل عليه عبد الله فسبه سباً سيئاً ما سمعته سبه مثله قط).

ولا أريد الإطالة وإنما أردت بيان غلط الشيخ القحطاني وتفنيد ما اعترض به على الأئمة الذين بلغهم عن أبي حنيفة من المخالفات أضعاف ما قاله بلال بن عبد الله بن عمر فقالوا فيه ما قالوا.

ولم يجرؤ أحد قبل الشيخ فيما أعلم على نقد ما ورد على لسان السلف من لعن وشتم وغلظة في القول على المخالفين فقد علم أن الباعث على ذلك الحمية للدين والغيرة على حرماته.

تكميل: أورد الحافظ في الفتح [2/ 348] الواقعة التي حدثت بين ابن عمر وابنه وذكر الاختلاف الوارد في ألفاظها وأن في بعضها اللعن المذكور وفي بعضها (فانتهره وقال: أف لك)، والاختلاف في الذي وقع منه ذلك هل هو بلال أو واقد؟ ثم قال: (فيحتمل أن يكون كل من بلال وواقد وقع منه ذلك إما في مجلس أو في مجلسين وأجاب ابن عمر كلاً منهما بجواب يليق به…).

قال سمير: وازن بين تعليق الحافظ رحمه الله على قصة ابن عمر مع ابنه وبين تعليق الشيخ القحطاني على كلام الأئمة يتبين لك الفرق الكبير بين الرجلين.

[18] ص212 روى الإمام عبد الله بإسناده عن ابن المبارك أنه أجاب من ذكر له اجتهاد أبي حنيفة في العبادة بقوله: (ما كان بخليق لذلك، لقد كان يصبح نشيطاً في المسائل وصاحب العبادة والسهر يصبح وله فترة).

علق الشيخ على ذلك بقوله: (ليس بلازم أن يصبح صاحب العبادة وله فترة، لأن قدرات الناس تختلف، ثم إن العبادة في الليل بالتهجد والسهر للعبادة أمر لا يطلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى فغير مقبول هذا الكلام من إمام جليل القدر كابن المبارك).

قال سمير: بل غير مقبول منك يا شيخ أن تعلق وتنتقد، وكان بوسعك السكوت.

وقولك: (فغير مقبول هذا الكلام) أنت لم تقبل هذا ولا غيره حتى الذي صح سنده وتواتر عليه الأئمة لم تقبله فكله عندك مرفوض مردود.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير