تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويمكن أن يقال إن الإمام الجليل القدر عبد الله بن المبارك رحمه الله ورضي عنه خشي على السائل أن يفتتن بما ذكر من اجتهاد أبي حنيفة في العبادة فيحمله ذلك على متابعته في أخطائه وكان عند ابن المبارك من القرائن الدالة على خلاف ما قاله هذا السائل وقد عرف بالفضل والورع والزهد والعبادة والجمع بين الخصال المحمودة التي قل أن تجتمع في غيره فلا يبعد أن تكون له فراسة استدل بها على عدم صحة ما نسب إلى أبي حنيفة من الاجتهاد في العبادة فاكتفى في إجابة السائل بقرينة ظاهرة.

ويحسن أن أنقل طرفاً من سيرته وترجمته ليعلم الشيخ وغيره قدر هذا الإمام: قال ابن عيينة: نظرت في أمر الصحابة فما رأيت لهم فضلاً على ابن المبارك إلا بصحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم وغزوهم معه.

وقال ابن مهدي: ما رأيت أنصح للأمة من ابن المبارك وقال ابن حبان: كان فيه خصال لم تجتمع في أحد من أهل العلم في زمانه في الأرض كلها.

وذكر جماعة من أصحابه من خصاله: ترك الكلام في ما لا يعنيه.

وقال النسائي: لا نعلم في عصر ابن المبارك أجل من ابن المبارك ولا أعلى منه ولا أجمع لكل خصلة محمودة منه.

قال سمير: وأختم بقول بعضهم: (إذا رأيت الرجل يغمز ابن المبارك فاتهمه على الإسلام) انظر التهذيب [5/ 382 - 387].

[19] ص 217 روى الإمام عبد الله بإسناده عن نعيم بن حماد قال: (ثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد بحديث، قال سفيان: فلما قدمت الكوفة سألوني عن الحديث فقلت: هو جابر بن زيد فقالوا إن أبا حنيفة رواه عن عمرو عن جابر بن عبد الله فقلت: لا. إنما هو جابر بن زيد، فأتوا أبا حنيفة فقالوا: إن هاهنا رجلاً عالماً بحديث عمرو فقال: لا تبالوا إن شئتم صيروه جابر بن عبد الله وإن شئتم صيروه جابر بن زيد).

قال الشيخ القحطاني: في إسناده نعيم بن حماد صدوق يخطئ كثيراً.

وقال أيضاً معلقاً على متن هذا الأثر: (لعل هذا من أوهام نعيم بن حماد والله أعلم).

قال سمير: قد سبق الشيخ إلى توهيم نعيم وتضعيفه زاهد الكوثري وتعقبه الإمام المعلمي وأطال فقال ما خلاصته: (نعيم من أخيار الأمة وأعلام الأئمة وشهداء السنة، ما كفى الجهمية الحنفية أن اضطهدوه في حياته إذ حاولوا إكراهه على أن يعترف بخلق القرآن فأبى فخلدوه في السجن مثقلاً بالحديد حتى مات حتى تتبعوه بعد موته بالتضليل والتكذيب.

وأما كلام أئمة الجرح والتعديل فيه فهم بين موثق له مطلقاً ومثن عليه ملين) ثم ساق المعلمي توثيق أحمد له وابن معين والعجلي، وقول أبي حاتم صدوق، وذكر أن البخاري روى عنه في صحيحه وأن ابن عدي ساق له ما أنكر عليه من الأحاديث ثم قال: (وعامة ما أنكر عليه هو الذي ذكرته وأرجو أن يكون باقي حديثه مستقيماً).

قال المعلمي: (وذكر الذهبي في الميزان ثمانية أحاديث وكأنها أشد ما انتقد على نعيم وما عداها فالأمر فيه قريب ولا بأس أن أسوقها هنا وأنظر فيها على مقدار فهمي وأسأل الله التوفيق.

ثم ساقها كلها ثم قال: (ومن تدبر ذلك وعلم كثرة حديث نعيم وشيوخه وأنه كان يحدث من حفظه وكان قد طالع كتب العلل جزم بأن نعيماً مظلوم وأن حقه أن يحتج به ولو انفرد إلا أنه يجب التوقف عما ينكر مما ينفرد به فإن غيره من الثقات المتفق عليهم قد تفردوا وغلطوا فأما الاحتجاج به فيما توبع عليه فواضح جداً وكذلك ما يرويه من كلام مشايخه أنفسهم إلا أنه قد يحتمل أن يروي بعض ذلك بالمعنى فيتفق أن يقع فيما رواه لفظ أبلغ مما سمعه وكلمة أشد فإذا كان اللفظ الذي حكاه متابعة أو شاهد اندفع هذا الاحتمال والله أعلم) انتهى من التنكيل [1/ 507 - 515].

تنبيه: كان يمكن للشيخ إذا أراد توهين الرواية المذكورة أن يحيل الخطأ والوهم على الواسطة بين سفيان وبين أبي حنيفة فهم مجهولون لكنه لم يوفق إلى ذلك.

[20] ص226 روى الإمام عبد الله بإسناده عن يوسف بن أسباط أنه قال: (كان أبو حنيفة يقول: (لو أدركني النبي صلى الله عليه وسلم أو أدركته لأخذ بكثير مني ومن قولي وهل الدين إلا الرأي).

قال الشيخ: (هذه العبارة لا يعقل أن تصدر عن أبي حنيفة وهو الذي ضرب بسبب رفضه القضاء ورعاً ومخافة من الله).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير